-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سخاء الرئيس بوتفليقة

عابد شارف
  • 5220
  • 11
سخاء الرئيس بوتفليقة

أحزاب جديدة ووزراء جدد بعد برلمان جديد… أشياء كثيرة تتغير في الجزائر، في انتظار التغيير الحقيقي.

عاد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى تقاليد السخاء التي تتميز بها السلطة الجزائرية، وعانده في ذلك وزير الداخلية دحو ولد قابلية، الذي أبى إلا أن يكون في نفس الخط مع رئيس الجمهورية، ليبرهن أن الدولة الجزائرية كريمة، وأنها لا تنكر الجميل، ولا تقصر في حق كل الذين برهنوا أنهم جديرون بالكرم.

أما السيد ولد قابلية، فإنه قرر أن يعطي الاعتماد لأربعة أحزاب في يوم واحد. وبعد عشريتين من الممنوعات والرفض الشامل للأحزاب الجديدة، قرر السيد ولد قابلية أن يغير موقف السلطة بطريقة جذرية، ويتصرف بما يوحي أن السلطة ندمت على سلوكها الماضي، فأصبحت تعتمد الأحزاب بالجملة. وقد سبق للسيد ولد قابلية أن اعتمد ما يقارب الأربعين حزبا في ظرف قصير عشية الانتخابات التشريعية التي جرت في 10 ماي الماضي. وبفضل هذا القرار، تمكن وزير الداخلية من فرض تغيير جذري على الساحة السياسية الوطنية حيث أصبح من المستحيل التعرف على كل الأحزاب وقادتها وبرامجها.

وقد خصص السيد ولد قابلية عناية خاصة لحزب “التاج” الذي يترأسه السيد عمار غول. وفي أقل من شهر، أعلن هذا الحزب عن تأسيسه، ونظم مؤتمره التأسيسي القانوني، وحصل على الاعتماد، وهو اليوم يستعد لاكتساح الساحة السياسية بمناسبة الانتخابات المحلية القادمة. واستطاع السيد عمار غول أن يدخل كل هذه المعارك ويصمد في كل هذه الجبهات في نفس الوقت، بل تجاوز ذلك واستطاع أن يحافظ على وزارته وأن يتخلص من حزب “حماس”.

وفي هذه النقطة بالذات، يجب الاعتراف بالسخاء الذي أبداه الرئيس بوتفليقة، حيث كافأ بأحسن الطرق كل الأشخاص والتنظيمات التي أبدت تمسكا به وببرنامجه. فبعد أن طلق “حماس”، ألقى عمار غول مكافآت عديدة، وعاد إلى البرلمان واحتفظ بمنصبه في الحكومة وأسس حزبا. وعاش السيد عمارة بن يونس نفس المغامرة حيث جاءت مكافآته بحزب وبمكان صغير في البرلمان وبمنصب وزاري، وهو الذي سبق له أن كان وزيرا في صفوف التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية لما كان في الجاهلية السياسية…

كل شيء سيتغير، باستثناء نظام الحكم الذي يبقى خارج النصوص، وفوق الرجال الذين صنعوه، وأسمى من الدستور

وعرف السيد محمد سعيد نفس المسار. فقد كان الرجل يعيش على الهامش منذ أن رافق أحمد طالب الإبراهيمي خلال مغامرة الانتخابات الرئاسية التي جرت سنة 1999 . ومنذ ذلك الوقت بقي الرجل يتخبط في محاولات لإنشاء حزب ودخول المنافسة الانتخابية. لكن بعد أن اتضح أنه رجل مهادن مسالم لا مكان عنده لعداء السلطة، تحصل على حزب ووزارة وأصبح بين عشية وضحاها يتكلم باسم السلطة

كل هذا أدخل تغييرا كبيرا على الساحة السياسية كما ذكرنا، لكن هناك عوامل أخرى يجب ذكرها لندرك مدى التغيير الذي حدث. فالجزائر عرفت هذا العام تغيير البرلمان الذي دخلته أجيال جديدة، كما دخلته النساء بأعداد لا مثيل لها في العالم العربي وحتى في البلدان الغربية. إضافة إلى ذلك، فإن الجزائر تخلصت من قادة الأحزاب الثلاثة التي كانت تحتكر السلطة في الجزائر، أحزاب التحالف الرئاسي وهي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحماس. وقد قرر الرئيس بوتفليقة أن يطرد من الحكومة كلا من السادة أحمد أويحيى وعبد العزيز بلخادم وبوقرة سلطاني، إضافة إلى غياب شخصيات من نوع عبد الحميد تمار وشكيب خليل وجمال ولد عباس وأبو بكر بن بوزيد.

وتم تعيين رجل جديد على رأس الحكومة، وهو السيد عبد المالك سلال، الذي أعطى وعودا بتنظيف المدن ومواصلة الإصلاحات. موازاة مع ذلك، سيتكفل السيد سلال بتغييرات أخرى، منها تعديل الدستور مرة أخرى، وتعديل قانون البلدية والولاية، وتعديل قانون المحروقات وغيره من النصوص التي أكل عليها الدهر وشرب.

ويؤكد كل هذا في نهاية المطاف أن كل شيء سيتغير عن قريب، كل شيء سيتغير، من أشخاص ونصوص وقوانين، كل شيء سيتغير، باستثناء نظام الحكم الذي يبقى خارج النصوص، وفوق الرجال الذين صنعوه، وأسمى من الدستور. ومهما كان سخاء الرئيس بوتفليقة، فإنه لا يستطيع أن يعطي الجزائر نظام حكم جديد، لأن ذلك فوق طاقته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
11
  • برهوم

    " لأن ذلك فوق طاقته" كان بالإمكان اختصار كل المقال في هذه الجملة.
    فهل يمكن أن نقول أن الرئيس ليس أكثر من دمية يتم تحريكها؟ وبالتالي يمكن القول أنه جزء من هذا النظام . أم أنه قوة معاكسة وكابحة للنظام الخفي وأنه يسعى في حدود ما يمكنه فعله إلى تحقيق سياسة ما؟
    بالطبع لا نعرف ما يعرفه الرئيس ولكنه أيضا لم يصرح يوما بما في صدره وما يريد فعلا القيام به.
    قد نعرف الإجابة يوما ما في المستقبل ولكن الحقيقة الواضحة هي أنه لا توجد أي نية حقيقة للتغيير.

  • قشيدة بن معين

    مشكور استاذ، عين الضواب

  • hass

    سبق و أن تنبأ عابد شارف بترقية محند السعيد و صدق ، لكن أنا واثق بانه سيأتي التغير يوما لأنها سنة الحياة.

  • عبد الحق

    ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم
    في راي اخيكم وان كانت معرفته محدودة ان المجتمع عبارة عن اسر و الاسر عبارة عن اشخاص,لو ان كل شخص سعى في اصلاح سريرته كما يصلح علانيته لعم الخير .

  • عبدالله

    قال أحد حكماء الفلسفة: الإخوان ثلاثة ..أخ كالغذاء تحتاج إليه كل وقت، وأخ كالدواء تحتاج إليه أحياناً، وأخ كالداء لا تحتاج اليه أبداً.
    قال أحد الحكماء: لا يغرنك أربعة: إكرام الملوك، ضحك العدو، تملُّـق النساء، وحرُّ الشتاء .
    دهر علا قدر الوضيع به وهوى الشريف يحطه شرفه
    كالبحر يرسب فيه لؤلؤه سفلا و تطفو فوقه جيفه.

  • علي

    المقولة الشهيرة دولة لا تزول بزوال الرجال كان المرحوم هواري بومدين يعني بها النظام . و لكن رغم سلبيات هذا النظام و لأسباب تاريخية عديدة الشعب الجزائري لا يريد مغامرة التغيير إرضاءً للأجني حتى و إن كان عربي . العرب كما يقول المثل الشعبي يبيعون القرد ثم يضحكون على من أشتراه ! . العرب باركوا (صحوتنا الاسلامبة) ثم نعتونا بالإهرابيين .

  • azeddine

    ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم لو تتغير العقليات ونقاطع انا و انت الرئيس كل شئ يتبدل و الفاهم يفهم.

  • kamel

    قلت كل شىء لكنك لم تدكر من هو هدا النضام

  • محمد

    حكم سخائه:
    ألا يستطيع السيد الرئيس أن يكون سخيا على المساكين و المحقورين و الشعب الغلبان؟
    ألا يستطيع أن يخيط لباسا جديدا في ظل البحبوحة المالية و يكتفي من الترقيع؟
    ألا يستطيع لم شمل ثلة من عباقرة الاقتصاد لتكتفي الجزائر ذاتيا (بدون تصدير) في أكلها و لباسها فالأرض طيبة و الخير وفير واليد العاملة كثيرة و عباقرة الاقتصاد موجودون.
    ألا يستطيع سياغة برنامج تربوي و اعلامي قوي لزرع حب الوطن ( بمعناه الكبير )في قلوب المواطنين.
    الا يستطيع تغيير فلسفة نظر الدولة الى الشعب و العكس ؟
    أضن أنه يستطيع و لكنه ليس بالسخي

  • kamel from birine

    إنها سياسة تجزئة المجزء و إتباع سياسة العصا و الجزرة كذلك ... لأول مرة يستعمل علم الرياضيات في الإنتخابات و تأسيس الأحزاب
    ==حزب جديد يعتمد و يقرر صاحبه أن لا يدخل في الإنتخابات المحلية و الولائية لقطع الطريق للإنتهازيين ... ما معنى هذا ؟؟؟؟ على القارئ الإستنتاج؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

  • الطيب

    شكرا للاستاذ عابد شارف مقال رائع ...