-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مشروبات رمضان

سر أدفي وقصة إيمرس وطاقة الغجيرة وخشاف قسنطينة

فاروق كداش
  • 825
  • 0
سر أدفي وقصة إيمرس وطاقة الغجيرة وخشاف قسنطينة

كل شيء، في شهر رمضان، له نكهة خاصة، فرائحة رمضان وعبقه وشوربته وبوراكه ووقع النعال إلى التراويح وفطوره وسحوره، وللظمآن بعد يوم صوم شاق مشروبه، الذي يرويه ويذهب عطشه، ويملأه طاقة ليوم صوم جديد.. الشروق العربي، تملأ الأقداح، ليس فقط بشربات بوفاريك بل بمشاريب اندثرت وأخرى سنكتشفها معا.

بعيدا عن بوفاريك وشرباتها العالمية، نجد في كل منطقة من مناطقنا العريقة مشروبا خاصا بشهر رمضان، مكوناته سرية، ومفعوله مثل السحر، مثل مشروب أدفي الغرداوي، الذي يقال إنه يحتوي على 99 عشبة في تركيبته، كلها من الصحراء الشاسعة.. تحضر هذا المشروب النسوة، بطريقة يدوية، فيخلطن فيه التمر طبعا للطاقة، والزنجبيل والقرفة والقرنفل والهيل والكمون والشعر والشيح والحلبة والقرطوفة والريحان والسكنجبير والخزامة والهرماس، والقائمة طويلة والفائدة لا توصف.

وتشتهر غرداية وما جاورها بمشروب شهير، هو التكروايت. وهو ليس الوحيد في مطبخ أهل الجنوب، الذين من رحم صحراء ابتكروا مشروبات أخرى، لمقاومة الظمإ، على غرار الزريك، الذي يحضر بالحليب والياغورت والتمر. وهو مشهور في أدرار وبشار وتندوف وموريتانيا والصحراء الغربية. مشروب المريس، قد يكون انقرض تماما، وكان يحضر بدقيق الشعير والماء المحلى بالسكر.

أما مشروب إيمرس السحري، المقاوم للعطش، فهو وصفة لا يجيدها سوى أهلها، الذين يحضرونه بخلط 10 أنواع من الفواكه المجففة، وبعض الأعشاب، مثل الشيح. يقال إن هذا المشروب كانت تحضره نساء اليهود لأولادهن، لمقاومة حر الصحراء، واقتبسته منهن نساء الجنوب.

مشروب آخر، يملك سره أهل الجنوب، هو مشروب الـ 40 عشبة.. يقال إن الطبيب الشهير، داوود الأنطاكي، هو أول من حضره. ويطلق عليه أهل المنيعة وعين صالح وأدرار وورقلة اسم “الوزوازة”. وتدخل قائمة طويلة من الأعشاب في تركيبة هذا المشروب، مثل عرق السوس والحرمل والبابونج والمعدنوس والزنجبيل..

مشروب آخر، يزين موائد أهل الجنوب الكرام، في رمضان، هو الغجيرة، أو عصير التمر، الذي يمزج فيه التمر طبعا، والكليلة المرحية والبشنة، المعروفة هناك باسم الدخن.. وهو مشروب مقاوم للعطش والحرارة المرتفعة، منتشر في تمنراست وإليزي وتندوف وأدرار.

الخشاف الجزائري

يشتهر الغرب الجزائري، وبعض مناطق البليدة والتيتري، بمشروب مميز، يعرف باسم “الخشاف”، الذي يعني التمر اليابس. وهو مشروب من أصل تركي. لهذا السبب، نراه منتشرا في تركيا ومصر. ويحضر الخشاف بمزج التمر والزبيب والماء وماء الورد والقرفة.. مكونات تعطي فيه ذلك الانتعاش، الذي لا يعرفه سوى من جربه. الخشاف، يرافق المسفوف أو السفة في السحور، للقضاء على العطش في النهار.

المحمضة للمخمصة

المحمضة، مشروب ينبئك اسمه بأنه منعش للغاية، تحضره ربات البيوت بتجفيف الأعشاب العطرية، وإضافة الروينة وتوابل النوخة والحلبة والسكنجبير والكروية.. عشية رمضان، يضاف إلى هذه التركيبة، التي تضم العديد من العناصر والتي لم نذكرها، الماء ونصف ملعقة خميرة، ويخمر لليلة كاملة، ليقدم في أواني الفخار، احتفاء بقيمته. المحمضة، مشروب في طريق الاندثار، أمام زحف المشروبات المصنعة.

ومن المشروبات التي تقاوم زحف التصنيع، شاي الباشاغا، مشروب غني عن التعريف في الجنوب، حيث يحضر بأغلى أنواع الشاي الأخضر. وتضاف إليه قطعة من العنبر. وسر تسميته بشاي الباشاغا غلاء مكوناته، التي لا يقدر عليها سوى الأغنياء. ولا يزال هذا الشاي، رغم غلائه، يقاوم، بفضل كبار السن الذين يحاولون قدر الإمكان والجيب، على شربه من فينة إلى أخرى، خاصة في أدرار وغرداية والوادي.

مشروبات كثيرة اندثرت كليا، ولم يعد لها وجود، كالماء مع بعض ماء الورد، وأيضا مشروب المستكة، وهي مادة صمغية معطرة، كانت تسحق ويضاف إليها الماء..

وتشتهر الهضاب العليا بمشروب التيسة في رمضان. وهو مشروب منعش، يصنع بطبخ التين مع التمر، مع القرفة… مشروب يشبه الأدفي والخشاف مع بعض الاختلافات، بحسب التركيبة والمنطقة.

في ولايات الشرق، مثل قسنطينة، ينتشر مشروب منعش آخر، يكاد لا يعرف الآن، هو مشروب حليب اللوز، الذي يقدم على موائد الصائمين، ويحضر بسحق اللوز، ويضاف إليه الحليب ومسحوق السكر وقطرات من ماء الزهر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!