سر كباش “البيض” المقدسة.. رسوم غامضة عمرها 6000 سنة

على ضفاف أحد الأودية ببلدية بوعلام، أو بلدية القصور، بالقرب من الطريق الوطني الرابط بين بريزينة وأفلو، ينتصب رسم نيوليتي قديم جدا قدم هذه التاريخ، شاهدا على مرور الإنسان وتدجينه الحيوانات.. الشروق العربي تطوي الفيافي والصحاري لاكتشاف هذا الرسم وكشف أسرار حيوان مقدس.

هذا الرسم النادر في منطقة بوعلام، يمثل كبشا مزينا بارتفاع نحو 1.50 متر، يشهد على الفن الجداري الصحراوي في العصر الحجري الحديث، الذي يعود إلى 6000 سنة قبل الميلاد، تم رسمه من قبل الرجال الأوائل الذين سكنوا المنطقة. ويظهر هذا الكبش العظيم برسم جانبي وبأطراف ملتصقة، اثنين اثنين، “الإبداع يظهر أيضا في تلك الخطوط المتموجة، التي تمثل صوف الكبش. وقد تم تحديد العين بعناية فائقة، في حين إن الرأس ملجمة وتعلوها قلنسوة مستديرة تمتد نحو الرقبة على شكل قلادة مسننة في حوافها. وهي مزينة بفروع منحنية يمكن أن تكون ريشًا أو أغصانًا. هذه القلنسوة أو التاج لها خاصية تجعل هذا الرسم من الرسوم المهمة، فهي تضيء عند بزوغ الشمس وعند اكتمال القمر. جزء من الرقبة مصقول، وغياب الشعر في هذا المكان يوحي بأنه تم جزه، أما الظهر، فيحمل سرجا فاخرا… بمحاذاته رسم رجل يحمل زاده يتجه نحو الشرق.

وجود كل هذه الزينة على هذا الكبش يوحي بأنه قد تم تدجينه، وعلى الأرجح أنه كان محل عبادة، ويرى البعض بأنه نظير رمز الإله آمون في الحضارة المصرية القديمة.

البيض… مهد الحضارات

ولاية البيض تحتوي على مائة موقع للنقوش الحجرية، منها أربعة كباش تقع على مسافة قصيرة، غير أنها أصغر من كبش بوعلام. وقد تم تصنيف كباش البيض على قائمة الممتلكات الثقافية، وفقًا للجريدة الرسمية بتاريخ 8 ماي 2016. مرسوم وزارة الثقافة المنشور في أوت 2014 يحدد منطقة الحماية وحدودها الممتدة على نحو 14000 هكتار.

اكتشفت رسوم بوعلام سنة 1898، من طرف الجيولوجي جورج بارتيليمي فلامان. وأشار إلى هذا الاكتشاف لأول مرة للعالم في جوان 1929، في مراسلة لأكاديمية الفنون الجميلة بباريس قائلا: “من التظاهرات الأولى الجوهرية لأقدم الديانات في العالم، ديانة “الكبش”، التي تليها بعد ذلك ديانة “أمون” بمصر القديمة”.

كبش بوعلام تم تصنيفه عالميا قبل 2011، وأهميته تكمن في كونه الوحيد في العالم من حيث الشكل والمقاسات الضخمة.

الكبش ليس الحيوان الوحيد في رسومات البيض، بل هناك رسم لوحيد القرن في منطقة الروراو وللفيل، في منطقة العنبة.

تزخر رسومات البيض بموروث تاريخي يعطي دلالات ارتباطها بماض قديم جدا، وتعرض الشواهد المتعددة عمقه واختلاطه، هي رموز ونقوش ورسوم وآثار ومحطات تاريخية تحتاج إلى عناية وتحليل دقيق لدلالاتها، قبل أن تضيع ويضيع معها جزء كبير من تاريخ المنطقة الغابر.