الرأي

سلفيُو غزة يخطئون الهدف

حسين لقرع
  • 3536
  • 0
الأرشيف
مقاومون من كتائب القسام

تصاعدت، في الأيام الأخيرة، حدّة التوتر بين حركة حماس وبعض السلفيين في قطاع غزة، وباتت الأوضاع تنذر بمواجهة مسلحة بين الطرفين تفوق في جسامتها وتداعياتها ما حدث في أوت 2009.

لا أحد طالب سلفيي غزة بالانضمام إلى المقاومة رغماً عنهم، والمشاركة في الحروب التي تندلع بين الفينة والأخرى ضد الاحتلال، فإذا لم يكونوا يريدون المشاركة في المقاومة، فهذا شأنهم، حتى وإن كان ذلك واجباً دينياً ووطنياً، في ظل ضياع فلسطين والسعي إلى تهويد مدنها ومقدساتها.. ولكن ليس من حقهم أبداً أن يتخذوا حماساً عدوا لهم، يُشغِلونه بالتهديدات وبتفجير القنابل الصغيرة وقصف مواقعالقسامبالقذائف؛ فحماس منشغلة بإعادة بناء قوتها التي تضرّرت بشكل كبير في حرب الصيف الماضي استعداداً لحربٍ قادمة قد تنفجر في أي لحظة، وبإدارة شؤون 1 .6 مليون فلسطيني في القطاع، والسعي إلى تخفيف وطأة حصار الشقيق والعدوّ لهم، وليس من المعقول أن يقوم التيار السلفي الجهادي في غزة بمشاغلتهم عن كل هذه التحديات الجسيمة بما يفتعله من خلافات ومعارك هامشية.

أما إذا كان هذا التيار يستعد لمحاربة العدوّ الصهيوني، فليس من حقه أن يقوم بذلك بمعزل عن المقاومة، وخارج إذْن حماس التي تدير شؤون القطاع إلى حدّ الساعة بحكم الأمر الواقع في ظل عدم تنظيم انتخابات شاملة تأتي بغيرها إلى سدة الحكم، فذلك يجلب الضرر لغزة لأن المقاومة لم تستكمل بعد إعادة بناء قوّتها العسكرية المتضرّرة من حرب الصيف الماضي وإعداد العدّة اللازمة لحربٍ جديدة، ولعلّ إطلاق أي قذائف على مواقع العدو ومستوطناته بشكل معزول، قد يمنح الاحتلالَ الذريعة التي يبحث عنها لشنّ عدوان جديد وإكمال ما لم يُنهِه في حرب الصيف الماضي.

المسألة مسألة إعداد العدّة جيدا لعدوٍّ يملك ترسانة هائلة من الأسلحة الحديثة والفتاكة وجيشا قويا ودعما عسكريا وماليا وسياسيا فاعلا ومتواصلا من أقوى دول العالم.. ولذلك تحتاج إلى استعداد جدّي وطويل لمقارعة هذه القوة الكبرى، وهو ما لا يتأتى بالخروج على حكم حماس ومبايعة البغدادي، وتشتيت الصفوف الوطنية الفلسطينية بخلافات ومعارك لا طائل منها، ولا تخدم أحداً سوى العدو الصهيوني.

غزة تعاني الأمرّين تحت وطأة الحصار الصهيونيالمصري الخانق، والبطالة والفقر يفتكان بسكانها، وعملية إعادة الإعمار شبه متوقفة، والدول العربية والإسلامية تخلّت عنها، والعالم غير مكترث بمعاناتها، ولا يُعقل بعد كل هذا أن يأتي من يزيد الواقعَ تدهوراً وتوتراً ويعمّق الجراح، ويتخذ بعضَ فصائل المقاومة عدوا يناوئه وينشغل بمحاربته، عوض أن يكون سنداً للمقاومة وعوناً في محاربة العدو الحقيقي الذي ابتلع فلسطين، ويسعى إلى تقويض الأقصى، وتهويد المدن والبلدات، والقضاء على أيّ أثر للمقاومة في غزة لتصفية القضية الفلسطينية برمّتها.

المطلوب من حماس أيضاً أن تعالج المسألة بحكمة ورويّة؛ إن أي خلافات داخلية تُضعِف الصف الوطني، وأي قطرة دم فلسطينية تراق على يد فلسطينيين، مهما كانت انتماءاتهم الأيديولوجية، هي خسارة لهذا الشعب وإضعافٌ لقضيته العادلة.  

مقالات ذات صلة