الجزائر
الشروق تفطر في بيت الزوج الذي يحمل زوجته المريضة على كتفه

سليم يحضّر الشربة والبوراك بنفسه ويطعم زوجته بيده

الشروق أونلاين
  • 32891
  • 185
مكتب الشروق
الشروق في بيت سليم

إذا كان الرجل الوفي لزوجته سليم يمضي العام كله خادما لزوجته المريضة فكيف حاله في رمضان؟ سؤال تطلبت الإجابة عليه سفرية لطرق باب هذه العائلة البائسة في زمن الإفطار في بيتها الكائن بالعلمة بولاية سطيف عند سليم الذي يحمل زوجته المريضة على كتفه منذ 5 سنوات، فاكتشفنا كيف يقضي هذا الرجل شهر رمضان بهذه المهمة الأسطورية التي سخّر فيها كل تحركاته لزوجته التي يتولى إفطارها بيديه وقضاء كل حوائجها بنفسه.

مهمة القيام بأشغال المرأة في البيت خلال شهر رمضان تبدو شاقة وتكون أكثر مشقة لما يتعلق الأمر بالتكفل بزوجة مشلولة لا تبرح مكانها، وهي حال سليم المطالب بالتوفيق بين عمله كحارس بمتوسطة عبد اللطيف عمران بالعلمة ودوره كمتكفل تام بزوجته، وبالتالي عليه أن يبقى بين الروحة والغدوة لتفقد حالها فيقلبها في فراشها ويحرسها بمساعدة ابنه سفيان. وعند العودة من العمل بعد العصر عليه أن يتوجه مباشرة إلى المطبخ لتحضير وجبة الفطور، فالرجل علمته الأيام فنون الطبخ وأصبح يتقنها مثلما كانت تتقنها زوجته في السابق.

وبالنسبة إليه شربة الفريك هي الوجبة الضرورية التي لا تغادر مائدة العائلة والأمر لا يتعلق فقط بالعادات، بل لأن زوجته لا تقوى على بلع سوى هذا النوع من المأكولات التي تتميز بالسيولة وسهولة المضغ، فبعد تقطيع البصل والطماطم ومختلف اللواحق الخاصة بالشربة اختار سليم اليوم أن تكون الوجبة الثانية قليل من الحميس الذي سيتناوله مع ابنه سفيان دون أن تتذوقه زوجته التي تعجز على بلعه مع بوراكات قال إنه يفضل أن تشاهدها زوجته حتى تطمئن عليه وعلى أنه سفيان. يتولى سليم تحضير كل شيء بمساعدة ابنه سفيان الذي يبادر هو الآخر بتحريك أمه في الفراش فيقلبها على جنبيها كلما أحست بالألم .

عند اقتراب موعد الإفطار يشرع سليم في ترتيب المائدة التي يضعها قرب سرير زوجته وعلى بساطة الفطور وفق هذا الزوج الوفي إلى حد ما في تحضير الشربة والحميص ودعمهما بقليل من الحليب والتمر. وعندما يحين وقت الأذان يقوم سليم لأداء صلاة المغرب بالتداول مع سفيان والصلاة هنا لا تقتصر فقط على الأب وابنه بل إن نسيمة المشلولة هي الأخرى ملتزمة بالصلاة فتؤديها بعينها وهو المشهد الذي تابعناه عندما اقترب منها سليم ووجهها ناحية القبلة وشرعت في الصلاة، فكانت تبدو لنا وهي تقرأ القرآن سرا ثم تركع وتسجد بعينيها ولما توجه عينيها ناحية اليمين والشمال فهذا يعني أنها سلمت وأنهت الصلاة.

وحسب سليم فإن زوجته تحرص دوما على أداء الصلاة في وقتها وكلما سمعت صوت الأذان توكل المهمة إلى عينيها لأداء فريضة التعبد. وبالرغم من مرض نسيمة إلا أنها تصر على الصيام طيلة شهر رمضان وفي نظرها الداء لا يمكنه أن يمنعها من الصيام خاصة أنها تحس براحة التعبد والتقرب إلى الله رغم مكوثها الدائم في الفراش. وأما بالنسبة للإفطار فإن المهمة موكلة إلى سليم الذي عليه أن يحمل في البداية كوب الحليب ويشرع في إطعام زوجته في مشهد تتجسد من خلاله الرحمة والمودة التي زرعهما الله بين الزوجين. ولنا أن نتصور أن الرجل يقوم بهذا العمل كل يوم فهو يحضر الطعام بنفسه ويطعم زوجته ويسقيها ويقلبها في الفراش ويحملها على كتفه ويسير بها إلى الحمام ويتولى تنظيفها بنفسه وله مآرب أخرى لا يقدر على أدائها شخص غيره . ورغم المشقة إلا أن سليم يظهر صبرا منقطع النظير ولا يتوقف على حمد الله ودعوته أن يشفي زوجته خاصة في هذا الشهر الفضيل مع العلم أن الرجل تلقى مساعدات وإعانات لكنها لم تبلغ النصاب ولا زال ينتظر من يتكفل بنقل زوجته إلى الخارج لتلقي العلاج، حيث يبقى أمل سليم وابنه أن تقوم نسيمة من مقامها وتحضر الفطور بنفسها.

مقالات ذات صلة