سمية غشامي: القيتار سلاحي لفتح الفضاء المغلق في وجه المرأة

في ربيعها الثاني والعشرين، تخطو سمية غشامي طريق المستقبل بأناملها الرقيقة عزفا على آلة القيثار الكهربائي، مشكلة الاستثناء والتفرد وسط قريناتها اللواتي لم يعرف عنهن غير العزف على آلة القيثارة الساش.
تحضر فتاة القيتارة الإلكتريك، كما باتت تعرف منذ سنوات، شهادة الماستر في تخصص اللغة الإنجليزية بجامعة باتنة، غير أن ذلك لم يمنعها من أن تزاوج بين الدراسة الجامعية والتكوين الموسيقي بالمعهد الجهوي للموسيقى بحي النصر بباتنة، فقبل أربع سنوات تلقت تكوينا في البيانو على مدار نصف عام، قبل أن تضيف له تكوينا في العزف على آلة القيثار العادي منذ عام 2014، وفقا لنظام الدراسة الحرة غير المنتظمة عبر حصتين في الأسبوع، لتجد نفسها عازفة على آلة القيتار الكهربائي في مشهد فاجأ الجميع بمن فيهم عائلتها. تقول مستذكرة تلك البدايات: “مارست العزف على آلات موسيقية عدة قبل أن أجد نفسي عازفة على القيتار الكهربائي الذي ما فتئ يستهويني منذ فترة طويلة، فأنا الوحيدة بين العائلة من تملك ميولا موسيقية واضحة، عدا فقط أن اثنين من أقاربي كانا يمارسان الموسيقى في السابق، ولربما تسربت إلي تلك الهواية المعدية من خلالهما طبقا لتوصيفات الجينات الوراثية… في البداية، استغربت عائلتي الأمر لكنها لم تمنعني من معانقة هوايتي، ومع مرور الوقت صارت فخورة بما أقدمه من معزوفات.

عزفت مع المكسيكي خوسي ماكاريو

تبدو سمية الفتاة ذات الملامح العصرية، واثقة من نفسها وواعية أشد الوعي في ما يخص تسيير موهبتها الفنية، فهي تعي ما تفعل وتفعل ما تعي، ولذا أردفت منذ الوهلة الأولى التكوين القاعدي الأول بتكوين عصامي فردي عبر فضاء الإنترنت من خلال إعادة لعب مقطوعات موسيقية لعازفين غربيين وجزائريين مشهورين، ثم بعازفين حاليين تأثرت بهم على غرار قوثري قوفان، وبات ميثيني، وبليني، وأوين، وييفات يونغ، وسارا لونقفيلد، والمكسيكي خوسي ماكاريو، ونزيم كريدش ونزيم محمدي، ونزيم باكور، ومحسن فراح عازف فرقة إيثران الشاوية الشهيرة
لم يمنعها تأثرها المعلن والواضح بهذه الكوكبة المتميزة من ولوج عالم التأليف الموسيقي، حيث اجتهدت في تقديم قطع فردية صغيرة بثتها عبر صفحتها على الفيسبوك، حملت عناوين – دودلي دوودل- و – وايتنغ إن فان – الانتظار بلا جدوى-، ولقيت هذه المحاولات الأولى استحسانا من طرف عازفين محترفين لم يبخلوا عليها بالأعجاب والتشجيع معا. تقول مغتبطة: “لم أكن أتوقع ذلك النجاح خاصة عندما جاءتني التعليقات من طرف عازفين لهم باع كبير وسبق طويل في المجال، كنت أحلق فرحا وأنا أراهم يشيدون بما عزفت” وفي خطوة تالية أسست رفقة العازفين أنيس شكيكن من مدينة وهران، ونسيم عاشور من مدينة البليدة، فرقة سينوبسي بطريقة التلحين المتشارك عبر الإنترنت وقدمت قطعة دوائر، وكان هذا إنجازا في حد ذاته شجعها للقفز نحو مساحات أخرى.
لم تمض فترة قصيرة حتى صارت سمية تستدعى لتقديم معزوفات في حفلات شبانية تنظم على هامش ملتقيات الويكي ستايج بولاية بومرداس والوان سيتي بباتنة، ومؤخرا قدمت ثنائيا غنائيا باللغة الإنجليزية رافقته عزفا عنوانه “جاست تو أوف أس” مع صديقتها ريان مروزكي، وسمحت لهما الأغنية بالتقدم لمسابقة بالعاصمة ستفتح لهما الأبواب للشروع في تسجيل ألبوم قادم بعد التألق الواضح في نتائج الانتقاء الأولي. وأبرز نجاح في طريق الملحمة الشخصية التي يتواطأ القدر في مطاوعتها فيه هو تلقيها دعوة من العازف المكسيكي خوسي ماكاريو للعزف معه تقول: “فعلا سجلنا مقطعا مشتركا عنوانه مودرن ميتال سولو كولاب، ومن المؤكد أنه تطور مذهل أن أسجل مقطعا مع عازف كنت ولا أزال من أشد المعجبات بما يقدمه بآلته الموسقية الفريدة وهي نوع جديد من الآلات الكهربائية التي بدأت تغزو السوق الدولية”
وعن نظرة المجتمع إليها كامرأة أو متحجبة عازفة لا تبدو منشغلة البتة بما يقوله الناس خاصة ما تعلق بالفهم السيئ للمواضيع الفنية أو الدينية، تعترف في هدوء الكثير يشجعني والبعض ينتقدني لكن كل ما يهمني أن أواصل عملي دراسة وعزفا على أمل أن أنجح في إيجاد مشروع موسيقي جديد يمزج بين الآلة الكهربائية والشعبي والأندلسي، وربما نحو أنماط أخرى من أنواع الموسيقى الجزائرية المتنوعة، فالحياة بالنسبة إلي تنوع خلاق لا أرى فيه تعارضا بين الفن والدين لذا سأواصل مشواري”.