الرأي

سنة مضت، وأخرى أتت

ح.م

ودّعنا – نحن أشباه المسلمين- سنة هجرية، هي سنة 1439، وسنستقبل – إن شاء الله- سنة أخرى تحمل رقم 1440. وما أظن أو يظن أكثر المتفائلين منا أن تكون هذه السنة أحسن من أختها التي مضت إن لم تكن أسوأ منها لأننا – أو لأن أكثرنا- ما نزال نعيش كالأنعام، نأكل ونتمتع ونتناسل، حتى صار الصالحون منا يتوارون من الشعوب والأمم الأخرى، خجلا مما يفعله ويقوله سفهاؤنا الذين قد تعجبنا أموالهم وهي مسروقة، وأجسامهم وهي من السحت منفوخة، وأولادهم وأكثرهم فاسدون مفسدون..

سيقف الراشدون من هذه الأمة، التي صيّرها كبراؤها غمّة، سيقفون ليتساءلوا عما أنجزناه – كأمة- في هذه السنة التي انصرمت.. ولا ريب في أنهم لن يجدوا أقل شيء مما يبهج النفس، أو يشرح الصدر، أو يرفع الذكر، أو يسر الودود، أو يغيظ الكنود.. ولن يجد إلا هوى متبعا، وجشعا، وتكالبا على السلطة من غير مؤهل ومؤهل لها من خلق كريم وفكر سليم..

إن ما لحق بنا من سوء، حتى صرنا “أسوأ أمة أخرجت للناس” ليس بسبب قصور ذاتي، فما الله – عز وجل – بظلام لنا أو لغيرنا.. وقد أمدّ به غيرنا، وزادنا هداية للإسلام.. ولكن سبب ما نحن فيه من هوان وذلة وعوز هو تقصيرنا، وإعراضنا عن ذكر الله.. فكانت هذه المعيشة الضنك في جميع الميادين، حتى صرنا نرى حسنا ما ليس بالحسن، وصونا – كما قال الإمام الإبراهيمي-: “غني ويفترض، ومحجوج ويعترض”، لأننا آتينا أمرنا وأموالنا سفهاءنا، الذين “أبدلونا صابا بمنّ”.

ليس في “المسلمين” اليوم من لا يقاتل “أخاه المسلم”، أو يتربّص به، أو يكيد له، أو يتآمر عليه، أو يستنصر عليه بعدوّهما معا، وبأشد الناس عداوة للجميع.. وإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى العقول والقلوب..

لقد استغرب أحمد شوقي من هذه المفارقة الغريبة العجيبة، وهي التيه، والضلال، والظلام التي يعيشها “المسلمون” رغم أنه:

      بأيمانهم نوران: ذكر وسنة       فما بالهم في حالك الظلمات؟

لم يجب أحمد شوقي عن تساؤله لأن الجواب معروف وواضح لكل ذي عينين، وهو أننا استبدلنا الذي هو أدنى بالذي هو خير، فكانت عاقبتنا كالأذلّين في أمثال العرب “عير الحي والوتد” وسنبقى نتردى من دركة إلى دركة أسفل منها إلى أن نغير ما بأنفسنا، فيرحمنا الرحمان ويغير ما بنا.. ومن تغيير ما بالنفس التوقف عن مساندة الفاسدين والمفسدين.

ولا أقول: “عاما سعيدا” ولا أقول “عاما مباركا”، حتى نقلع عن هذا التزلف والتملق والنفاق.

مقالات ذات صلة