الجزائر
تساؤلات حول غياب "الكبار" عن لجنة كريم يونس

شخصيات الصف الأول.. هل تغيّبوا أم غُيّبوا؟

محمد مسلم
  • 6332
  • 19
ح.م

تعيش الساحة السياسية على وقع شح في الشخصيات التي بإمكانها المساهمة في لعب دور مسهل لجهود الحوار.. وحتى الشخصيات التي تم اختيارها لهذا الغرض، يبدو أنها أقل بعض الشيء من حجم الرهانات التي تواجهها وتواجه البلاد.

ويمكن وصف التشكيلة التي كشفت عنها رئاسة الدولة لتأطير الحوار، بأنها شخصيات من الصف الثاني والثالث.. وربما أفضل ما يمكن قول بخصوص اللجنة التي يقودها كريم يونس، هي الحكمة القائلة: “ليس بالإمكان أفضل مما كان”.

فقبل أن يعلن عن تشكيلة الستة، اقترحت العديد من الأسماء الوازنة في الساحة الوطنية، على غرار تلك التي تضمنتها قائمة الـ 13 التي كشف عنها “المنتدى الوطني للتغير”، والتي ضمت كما هو معلوم، كلا من رئيس الحكومة الأسبق، مولود حمروش، ووزير الشؤون الخارجية الأسبق، أحمد طالب الإبراهيمي، والمجاهدة جميلة يوحيرد، ومصطفى بوشاشي، ومقداد سيفي..

غير أن صمت رجالات الصف الأول وعدم تجاوبهم مع العرض المقدم إليهم، كان من الطبيعي أن يفتح المجال أمام رجالات الصف الثاني والثالث.. ويبقى هذا الصمت محل تساؤلات مشروعة من قبل المتابعين، فقد يكون مثل هذا الموقف معقولا ومبررا، من الشخصيات، التي تم الاستنجاد بها، باعتبارها لم تساهم في إيصال البلاد إلى الأزمة التي تعيشها اليوم.

هذه الشخصيات منها من التزم الصمت المطبق، ومنها من عبر عن مواقفه في بيانات شرحت من خلالها رؤيتها لحل الأزمة، كما أن بعضها لم يتخلف عن تقديم النصح والتحذير مما نعيشه اليوم، مثل طالب الإبراهيمي الذي وضع الكثير من النقاط على الحروف، وربما هو الوحيد الذي كان أكثر حضورا من حيث مساهماته في إثراء النقاش حول سبل الخروج من الأزمة، منذ اندلاع الحراك الشعبي في الثاني والعشرين من فبراير المنصرم.

عدم انخراط الشخصيات الوازنة في مسعى الحوار الذي دعت إليه السلطة، له مبررات قد تختلف من شخصية إلى أخرى، ومن المرجح أن هناك شخصيات لها طموحات سياسية وهو أمر طبيعي، ما يعني أن وجودها ضمن الفريق المشكل لإدارة الحوار، من شأنه أن يرهن هذا الطموح مستقبلا.

فرئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، وفي آخر بيان له بخصوص مسعى الحوار واللجنة التي شكلت من أجله، وجه رسائل ضمنية مفادها أن من يقود الحوار يتعين عليه أن يكون بعيدا عن كل ما له علاقة بالرهانات الانتخابية خلال المرحلة المقبلة، وهو ما يرجح فرضية تراجع البعض حفاظا على حسابات التموقع لاحقا.

مواقف شخصيات الصف الأول المتحفظة من دعوة رئاسة الدولة إلى الحوار، يمكن تحليلها من منطلق أن تلك الشخصيات لم تكن سببا فيما وصلت إليه البلاد من مآس، غير أن هذا الموقف، إن وجد حقيقة، فيمكن اعتباره أنانية سياسية، لأن مصير البلاد يهم الجميع بمن فيهم من قدموا النصائح ولم يسمعوا لهم في حينها، حالهم حال أولئك الذين لهم طموحات سياسية ويخافون عليها، وحتى أولئك الذين قرروا النأي بأنفسهم مهما كانت الأسباب.

مقالات ذات صلة