-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

شخير العملاق

شخير العملاق

يجب أن نعترف بأن الجزائر في مجال السياحة والترويج لما تكتنزه البلاد من ثروات تاريخية وتراثية وجمالية، ليست عملاقا نائما، كما جاء في مقال لـ”واشنطن بوست” التي تمتلك أكبر موقع إعلامي في العالم، وإنما هي عملاقٌ يشخر، فيما يشبه الغيبوبة أو الموت الإكلينيكي. ويعلم جيرانُنا أكثر من غيرهم، بأن الجزائر لو استعملت رُبع ما تكتنزه من جمال طبيعي وتراثي وزخم حضاري، لأزاحت الكثير من البلدان المتوسطية بالخصوص من مراتبها العالمية الأولى، ولأفقدتهم الملايين من السياح الذين يحجّون إليهم طلبا لشمسهم وبحرهم وتقاليدهم، فيُنعشون اقتصاداتهم بملايير الدولارات.

هناك بلدانٌ كثيرة تدفع للصحف والمواقع العالمية ملايين الدولارات من أجل أن تكتب عنها مقالا إشهاريا واحدا في مجال السياحة، وتسعى إلى إقامة المهرجانات الثقافية والدورات الرياضية لتنعش صناعتها السياحية، وتصنع من اللاشيء أشياء، ومن القُبح جمالا، وتذهب أخرى إلى الدوس على قيمها من أجل إرضاء سائح ثريّ قادم من أقصى الدنيا، قد يكون من مدمني الحشيش أو من الشواذ، فتقدِّم له من نفيسها ونفسها، من أجل أن يبعثر على فنادقها دولارات معدودات، بينما يبقى “العملاق” يغط في نوم عميق، والكل من حوله حيارى حول هذه الحالة الغريبة التي تشبه دفن كنز مُتخم باللآليء والأحجار الكريمة!

لقد زار فنانون عرب وغربيون ورجال دين وسياسة وديبلوماسيون مختلف الولايات الجزائرية، فكانوا ينقلون وهم في حالة انبهار، الصور والفيديوهات، ويتغزلون بالمناظر الطبيعية والمدن الرومانية والأطباق اللذيذة، في الوقت الذي بقي العملاق السياحي نائما. ولن نبالغ إذا قلنا إن ما يقدّمه عابرو سبيل من أمريكيين وفرنسيين وآسيويين ومصريين من خدمة للسياحة الجزائرية، لا تقدّمه الوكالات السياحية الجزائرية، التي كانت وظيفتها على الدوام، نقل الجزائريين إلى تونس وتركيا وإسبانيا ومولدوفيا، ولا واحدة منها فكّرت، ولا نقول نقلت سائحا أجنبيا إلى بلادنا، بل وجزائريا إلى بلادنا، ومن المؤسف أن تكون بلاد البحر المتوسط في القارات الثلاث، من أهمّ البلاد السياحية في العالم ويبقى عملاق السياحة الحقيقي نائما.

ما كتبه مبعوث “واشنطن بوست” الذي زار الساحل الجزائري وجسور قسنطينة ومساجدها وحاراتها وآثار ولايتي باتنة وسطيف الرومانية والبيزنطية، جاء بعد سنوات من نقل الصحيفة ذاتها لتقييم الخارجية الأمريكية للجزائر كـ”بلد خطير أمنيا”، يجب تفادي زيارته، مما يعني بأن أبواب الجنة السياحية صارت مفتوحة، وفرصة الاستثمار الحقيقي الكبير في هذه الصناعة مهيَّأة من كل الجوانب، وبإمكان طابور الشباب البطال أن ينتظر ثورة في هذا المجال الحيوي الذي تعيش منه بلدانٌ لا تطلّ على البحر وأخرى لا تطلّ عليها الشمس، وتبقى البلاد القارة ذات الفصول الأربعة تُواجَه بنوم عميق، من عملاق السياحة، إلى درجة الشخير.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • Imazighen

    كيف تعرب لو؟