اقتصاد
طوارئ بعد تهديدها بخنق الجزائر تجاريا

شركات الشحن البحري تخيّر الجزائريين بين الدفع “بالدوفيز” أو التجويع

الشروق أونلاين
  • 14817
  • 26

طالبت شركات الشحن البحري الأجنبية العاملة بالجزائر، شركات الاستيراد العمومية والخاصة بدفع حقوق الشحن بالعملة الصعبة في حسابات تلك الشركات مباشرة خارج الجزائر قبل شحن السلع من وإلى الجزائر.

وجاء قرار شركات الشحن الأجنبية، كرد صريح على موقف بنك الجزائر المركزي الذي صدر بداية العام الجاري والقاضي بتشديد الرقابة على عمليات تحويل الأرباح السنوية التي تجنيها شركات الشحن البحري في الجزائر، وتسيطر شركات الشحن الأجنبية على 98 بالمائة من ما تستورده الجزائر سنويا من الخارج. وكانت الشركات الجزائرية تدفع حقوق الشحن بالدينار الجزائري، قبل أن يفرض بنك الجزائر المركزي، قيودا جديدة على الشركات الأجنبية في محاولة للحد من تحويل أرباح الشركات الأجنبية نحو الخارج. وقدرت أرباح شركات الشحن الأجنبية بالجزائر بـ600 مليون دولار سنة 2011 منها 60 بالمائة لصالح شركة CMA CGM التي كانت أول من اعترض على قرار بنك الجزائر المركزي، وهددت بمغادرة الجزائر.

وانتقد أمس، منتدى رؤساء المؤسسات قرار شركات الشحن، وقال في بيان له، أن هناك مخاطر جدية تعترض ضمان الجزائر لوارداتها من السلع بعد أن أصبحت شركات الشحن الأجنبية تسيطر على 98 % من الحركة التجارية الخارجية للبلاد، بعد تحييد نشاط الشركات العمومية للشحن البحري، وأصبحت الشركات الأجنبية تراقب إجمالي تدفق السلع من وإلى الجزائر سنويا، بالإضافة إلى اقتحام بعضها نشاط الموانئ الجافة على حساب المؤسسات المينائية الحكومية أو الشركة الوطنية للسكك الحديدية التي تتوفر على إمكانات هائلة لنقل ومعالجة الحاويات من وإلى الموانئ. وتقرر على عجل الاجتماع بممثلين عن شركات الشحن الأجنبية، وممثل عن بنك الجزائر المركزي ورؤساء بنوك جزائرية حكومية وخاصة، في محاولة أخيرة للتوصل إلى حل وسط بين الحكومة الجزائرية وشركات الشحن البحري الأجنبية التي هددت بمقاطعة الجزائر. ويشكل قرار مقاطعة الجزائر من قبل شركات الشحن البحري، ضغطا مباشرا على الجزائر التي تستورد 70 بالمائة من احتياجاتها من الخارج، وعلى المؤسسات الجزائرية العاجزة على التفاوض بخصوص أسعار الشحن مما سيدمر قدراتها التنافسية.

ووجدت المؤسسات الجزائرية نفسها مرغمة على الرضوخ بعد منع الحكومة الجزائريين من الاستثمار في مجال الشحن البحري والجوي، وتنازلت مجانا عن هذا القطاع الاستراتيجي لشركات الشحن العالمية التي أصبح اليوم بإمكانها خنق الجزائر بكل سهولة. وبلغت كلفة نقل حاوية من ميناء مرسيليا جنوب فرنسا، نحو ميناء الجزائر العاصمة 1500 دولار في المتوسط للحاوية النمطية، مقابل 325 دولار لنقل حاوية من ميناء مرسيليا إلى نيويورك، ومعلوم أن المسافة البحرية بين مرسيليا الفرنسية ونيويورك تقدر بـ7000 كلم، وهو ما يعادل 10 مرات المسافة بين مرسيليا والعاصمة الجزائر. وقبل صدور قرار بنك الجزائر، شرعت وزارة النقل في تطهير الخدمات الملحقة بالشحن البحري، ومنها خدمات تجهيز السفن وتمثيل شركات النقل البحري الأجنبية بالجزائر، بعد الفوضى التي تسبب فيها فتح القطاع للأجانب سنة 1998، وقدرت دراسة لوزارة النقل حول قطاع الشحن البحري والخدمات المينائية إجمالي الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الجزائري من جراء التحرير العشوائي للقطاع، بحوالي 8 ملايير دولار خلال الفترة الممتدة بين 2000 و2010، وجاءت الضغوط التي تمارسها شركات الشحن الأجنبية على الحكومة الجزائرية للتغطية على رفض هذه الشركات لقرار الحكومة الذي يلزم الشركات العاملة في القطاع بمطابقة نشاطها مع الإجراءات الجديدة التي تلزم شركات تجهيز السفن الأجنبية بفتح رأس مال شركاتهم إلى مساهمين جزائريين مقيمين على غرار ما هو معمول به في جميع دول العالم. وتعود ملكية 100 % من رأس مال شركات الشحن الأجنبية العاملة بالجزائر إلى أجانب، ويسمح لهم قانون الاستثمار الحالي بتحويل الفوائد الإجمالية السنوية إلى الخارج.

مقالات ذات صلة