-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

شعب يعاقب شعبا

الشروق أونلاين
  • 5971
  • 6
شعب يعاقب شعبا

قليلة هي البلدان التي لها ثورة تزيّن تاريخها وتضيء حاضرها وتجعلها تأمل في مستقبل تقطف من خلاله ثمار ثورتها، وكثيرة هي البلدان التي لا ثورة لها ترنو إلى ثورات غيرها وتحاول نكرانها أو مسحها من التاريخ إن استطاعت…

  • ونادرة هي البلدان التي لها بدل الثورة الواحدة ثورات كما هو شأن الجزائر التي ستستعيد غدا أحداث الثامن من ماي التي لا مثيل لها في التاريخ حتى دخل كروموزوم الثورة في مكوّنات شعبها فصار يُصبح على ثورة ويُمسي على ثورة فأتقن الحرث وتجاهل الجني فتكاثرت الثورات وتشابهت، وللأسف مضت كثير منها بتضحيات جسام دون أن تحقق أهدافها، ولن نبالغ إذا قلنا أن ثورة الشارع الجزائري في خريف 1988 سبقت كل حراك في أوربا الشرقية والعالم العربي، ولن نبالغ إذا قلنا أن تلك الثورة ضد أحادية الرأي وقمع الحريات لم تعط أهدافها فاستفاد منها الآخرون، كما جنوا من ثورتنا التحريرية استقلالهم، وبقينا عاجزين عن تحقيق جزء من الشعارات الجميلة التي رفعناها على مدار عقود طويلة بدءا بثورات التنمية الثلاث ومرورا بالعمل والصرامة لضمان المستقبل والرجل المناسب في المكان المناسب وانتهاء بالعزة والكرامة.
  • والدولة التي تعلم كما يعلم الشعب أن بلدنا هبة النفط لم تعد في الأسابيع الأخيرة قادرة على عدّ الإضرابات والاعتصامات وعمليات غلق الطرقات وشلّ الدراسة والعمل، بسبب كثرتها وتشعبها و”سيحانها” في كل مكان، فما بالك بمعالجتها بالدواء الحقيقي وليس بمخدر الاستجابة لها، خاصة أنها أخذت الآن اتجاها غريبا نحو معاقبة الشعب، وصار الشعب يثور أحيانا ضد الشعب كما حدث في إضراب عمال البريد في كثير من الولايات عندما تجاوز أمد الإضراب الحدود وأجبر بعض المتقاعدين والعمال على الإستدانة والتقشف فثاروا على مراكز البريد وأجبروا الثائرين من أجل تحسين أوضاعهم المعيشية على الرضوخ لثورة الشارع وليس لثورة المشرّع كما كانوا يحلمون.
  • عقاب المواطن لأخيه المواطن من خلال حرمانه من المرتب ومن الدراسة والصحة وتهديده بحرمانه من الخبز والكهرباء صار يقابله رد فعل عقابي من الشعب أيضا من خلال قطع الطرقات وشل الحركة لتنحصر الاحتجاجات في مواطن يعاقب مواطنا بحرمانه من بعض الخدمات عبر إضرابه أو بمنعه من قضاء حاجته بغلق شرايين الحركة في وجهه من أجل أن تقبل الدولة مطالبه المادية الكثيرة التي تبدأ بالأجور وتنتهي بالمنح من أجل اقتسام ما في سلّة النفط الذي ارتفع سعره إلى ما فوق 120 دولار ولم يرتفع أداء الشعب والدولة عندنا إن لم نقل أنه تأخر بخطوات إلى الوراء، فبقي التفكير في كيفية اقتسام ما نجنيه من سلال النفط وليس التفكير في ما بعد النفط، والدليل على ذلك أن العمال يطالبون بحقوق مادية فقط والدولة لا تطالبهم بالواجبات، لأن الطالب والمطلوب يعلم أن الحكاية هي سلة تتجاذبها الأيدي أشبه بكأس الرحى التي لا يريد شاربوها أن يفكروا في صورتها الفارغة أبدا وهم يعلمون أن فراغها مصير محتوم.
  • منذ حوالي ستين سنة، أعلن الجزائريون عن ثورتهم التحريرية بعد ثورات كثيرة أعلنوها والتي قدمت درسا بالمجان لكثير من الشعوب التي جنت قبلهم ومن دون قرابين ما زرعوا، ومنذ أكثر من عشرين سنة أعلن الجزائريون عن ثورتهم الديموقراطية كانت متبوعة بطرق احتجاج جديدة اخترعوها والتي قدمت درسا آخر لكثير من الشعوب حتى صارت الملكية الفكرية للثورات جزائرية ولكن الاستفادة منها لغير الجزائريين.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • hiba

    اعضم ثورة وشعب في التاريخ هي الثورة الجزائرية والتاريخ يعيد نفسه والشعب سينتصر و الحق سيضهر ويؤخذ والضالم سيحاسب و يعاقب والله سينصرنا و يعيننا

  • واحد من الناس

    لا نريد ثورة تؤدي بنا الي الانقسامات و ربما دريعة لتدخل الناتو وووو و لكن كل واحد يثور علي نفسو و يبدل العقلية البالية ، نهار كل واحد يبدا يرمي الزبل قدام باب دارو ماشي عند جارو هداك النهار نهدرو علي الثورة وغير دلك و انشر يرحم الوالدين

  • بدون اسم

    هل تريد الشعب ان يقوم بثورات اخرى؟؟؟ هل تبحث عن الدمار و الخراب؟؟؟ ما مشكلتك انت مع الجزائر؟؟؟ اجبني بالله عليك .

  • بدون اسم

    ياا عبد الناصر لقد اخذوا كل شيء ..الناريخ ..السلطة....االثروة.....الثورة.........المدرسة.....الجامعة الارض.الماء....لم يتركوا لنا الاالذكريات.......وقطعة قماش لعلنا ندفن بها......

  • سارة

    بوركت يا اخي والله ذرر.....فعلا اصبحت ثورات الجزائر مجرد دروس تقرا ولا تعاش...فعلا شعب ضد شعب

  • yasmine algérienne

    السلام عليكم،
    جميل ما تم تدوينه في الافتتاحية، لكن يكمن المشكل في الواقع في الضمير الغائب ألذي تمكنت السنين من إسكاته وإقصائه، حتى لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم، ويصبح هم الجزائري الحصول على حقوقه المهضومة منذ قرون وليس منذ سنوات، ولهذا نحتج ونطالب دون أن نعطي، لماذا أن الجزائريين أعطوا كثيرا أيام الثورة الكبرى وبمجرد انتهائها بالاستقلال، أخذوا منهم كل شيء ولم يتركوا لهم إلا الذكريات، وهكذا أخذت تراكمات والترسبات في ظل الحزب الواحد إلى قتل الواجب والإخلاص والتفاني والجد وحب الجزائر قبل الأنا