-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

 صاحب رائعة “يا بلارج” عمار العشاب منسي على قيد الإبداع

فاروق كداش
  • 2174
  • 0
 صاحب رائعة “يا بلارج” عمار العشاب منسي على قيد الإبداع

هناك أغان أشهر من أن تعرف.. لكن، من غناها لأول مرة، قد لا يعرفه الكثير من الأجيال الجديدة. فالكل يدندن: “يا بلارج”، ويسرح في: “سعدي ريت البارح”، ويتحسر على فراق المحبوب، في “مال حبيبي طال غيابو”. كلمات عمرها عقود من الزمن، غناها عمار العشاب، المطرب الذي فاق الطرب، وهدد الشيوخ الكبار في شبابه، هذه قصته المثيرة ومسيرته الأكثر إثارة.

ولد عمار العشاب في 31 جويلية 1932، ببئر جباح، بدار سيدي عمر، بقصبة الجزائر العاصمة. وهو ينحدر من عائلة تقليدية، متذوقة للموسيقى. كان عمار الصغير يعمل ساعيًا في مغسلة ملابس في بلكور، وفي أثناء عمله، كان يردد أشهر الأغاني آنذاك. وكان لديه صديق يبيع السمك، يُدعى مولود بحري، وكان أيضًا قائد أوركسترا ذائع الصيت في المنطقة.

وكان مولود بحري أول من اكتشف عمار العشاب، وأعجب بصوته، وهو أيضا من الأوائل الذين انتبهوا إلى موهبته الموسيقية الاستثنائية. كان مشواره في عالم الفن على وشك الانطلاق، لمدة عام كامل، عزف عمار على الدربوكة، في الأعياد والأعراس، مكتسبا معرفة معلمه وأساسيات التقنية اللازمة لممارسة المهنة، التي كان مقدرا لها. وفي هذا العام، حفظ عمار العشاب قصيد “على الرسول الهادي”، الذي عادة ما يليه قصيد آخر، لا يقل شهرة، وهو “مولاة التاج”.

وحينها، أفرد العشاب جناحيه، وطار منفردا في عالم الموسيقى والشعبي، وكان لا ينفك يتعلم أسرار الغناء، على يدي محمد رشيدي، المعروف باسم الشيخ الناموس، وكذلك سيد علي سنيترا. وعلى الرغم من شهرتهما، إلا أن الشيخين لم يبخلا عليه بالنصائح، ما أكسبه خبرة وصيتا.. ورويدا رويدا، صار اسمه ذائعا على غرار شيوخ تلك الحقبة الجميلة من تاريخ الموسيقى الجزائرية. في عام 1952، طلبت الإذاعة من عمار العشاب بثا مباشرًا لمدة ثلاثة أرباع ساعة. ورغم خوفه الشديد، تمالك نفسه وصدح بالكلام المباح. كان أداؤه المذهل بمثابة نقطة تحول حاسمة في مسيرته..

وهو ما تأكد بعد أسبوعين، عندما دعي إلى الغناء أمام الجمهور، مع أوركسترا مصطفى اسكندراني. في تلك الحفلة، أدى أشهر أغنية له، “إبراهيم الخليل”، فأدرك حينها قيمته الفنية، وفتحت له أبواب الفن على مصراعيها. في عام 1953، سجلت له دار النشر “دنيا” أغنية بعنوان “ملاح أنا بركاني”، على أسطوانة 78 دورة في الدقيقة، وكان هو من قام بتأليفها. وبعد ثلاث سنوات، وقع عمار العشاب عقدا مع دار “باتي ماركوني”، التي أصدرت له أغنية “يا بلارج”، التي أداها على الطريقة الحوزية. وكانت هذه الأغنية ناجحة للغاية، ولكنه، أثار أيضًا جدلاً بسبب بعض الكلمات الجريئة. وقد عرفت الأغنية نفس القدر من النجاح، حين قدمتها العملاقة، فضيلة الدزيرية، التي كانت تجمعها بالعشاب علاقة أخوة، وقد كتب لها العشاب عدة أغان ضاربة. كما قدم له عبد الحكيم كرامي عدة أغان، منها “بالله عليك يا الرايح كان ريت غزالي” و”صغير وانا شيباني” و”مال حبيبي طال غيابو”. في عام 1966، دخل عمار العشاب المعهد الموسيقي، لتحسين مهاراته الموسيقية، وتلقي دروس نظرية في الصولفيج، رغم شهرته وصيته الكبير. وبالموازاة مع التعليم، واصل العشاب إنتاجه أغاني رائعة، تتميز بكلماتها المباشرة، التي تعكس مشاكل الحب والمجتمع. في عام 1966، فاز عمار العشاب بجائزة لجنة التحكيم الكبرى للمهرجان الوطني للأغنية الجزائرية، عن أغنيته الناجحة “نستهل الكية أنا اللي بغيت”، وهي من ألحان محبوب باتي.

كان عمار العشاب يميل إلى القصيد الشعبي الأخلاقي ذي الطابع الديني والاجتماعي. كان يغني عن الخير والشر بكلمات وألحان وتفسير خاص به تمامًا، تفسير رجل حساس للغاية، رمته تيارات الحياة في شطآن بعيدة. سجل عمار العشاب، خلال مسيرته الفنية، نحو ثلاثين تسجيلاً إذاعياً، ومثلها على شاشة التلفزيون. كما أن لديه نحو ستين أسطوانة على جميع الوسائط. وفي عام 1976، قرر عمار العشاب الاستقرار الدائم في باريس. وبين كل فترة وفترة، يعود إلى الجزائر، خاصة في مواسم الصيف.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!