-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

صباحنا .. غلطة

صباحنا .. غلطة

إن صحّ _ وكلنا نعلم أنه صحيح وما خفي أعظم _ أن الجزائريين يرمون في البحر أربعة ملايير دولار، وهو رقم يساوي ميزانية بعض الدول الأوروبية وليس الإفريقية، نظير استهلاك “الكيوي” الفاكهة التي يجهل الجزائريون موطنها ونوع شجرتها، ومشروب “الراد بول” الذي يمنحنا القوة “المغشوشة”، فإننا نكون قد بلغنا درجة من التبذير تتفوق على الذين يبذرون تبذيرا، وكانوا إخوان الشياطين، المذكورين في سورة الإسراء.

وإن صحّ _ وكلنا نعلم أنه صحيح _ أن الدولة منحت الشعب فسحة من الأمل بخبر عدم نفاذ النفط إلى غاية عام 2070، حتى يواصل استهلاكه لهذه “المخدرات الحلال” التي تُسكر الروح والضمير، قبل الذهن والبدن، من لأجل سِلم اجتماعي قد يكون أقبح من “الربيع” العربي، فإننا نكون قد وصلنا إلى مرحلة شرّ الخطّائين الذين لا أمل في توبتهم، خاصة أن الخطأ هذه المرة تتقاسمه السلطة التي يبدو أنها صارت تجهل الحل، بعد أن ظننا أنها كانت تتفادى اللجوء إليه عمدا، وشعب يبدو أنه يرفض الحل رغم أنه يعرفه، حيث يلتف الطرفان حول “قصعة” النفط يحتسيان ما فيها .. ولسان حالهما .. هل من مزيد؟

ومن محاسن البحبوحة المالية التي تعيشها البلاد، أن الجزائريين صاروا يسافرون إلى مشارق الأرض ومغاربها، فهم يطلبون “التفسّح” وأحيانا “التفسّخ” ولو في الصين، وبقدر ما ينقلون أطنانا من النسيج والكماليات في حقائبهم، بقدر ما يختطفون بعضا من عادات الناس وثقافاتهم، فيدركون أن بلادهم الأجمل، ونحن من قبّحنا فيها، وبلادهم الأغنى ونحن من أفقرناها، وجغرافيتهم الأثرى ونحن من أعمينا أبصارنا أمام تضاريسها وبحارها، وتاريخهم الأحفل ونحن من صممنا آذاننا أمام أساطيره ومعجزاته، ومن مساوئ هذه السفريات أن لا يعتبر هؤلاء المسافرون السائحون في أرض الله، وهم يرون كيف أن الأمم جميعا، صارت تعتمد على ما تبذله من جهد، فلا تلبس إلا ما تنسج في أرضها، ولا تركب إلا ما اخترع علماؤها، ولا تسكن إلا ما بنى مهندسوها، ولا تطعم أبناءها إلا بما أنتج أبناؤها.

في أندونيسيا والصين مثلا، يتكون فطور صباح الشعب، من الأرز الذي تنتجه هذه البلاد، وفي الدانمارك والنرويج يتكون فطورهم من السمك الذي تصدّره البلدان الأسكندنافية إلى مختلف الدول، ويفطر المصريون بالفول الذي تعتبر مصر عاصمة إنتاجه، بينما ورث الجزائريون فطور صباحهم من الفرنسيين، فالطفل الجزائري مثل والدته ووالده، يجلس كل صباح أمام مائدة الإفطار يشرب حليبا قادما من هولندا، يضيف له قهوة قادمة من البرازيل، وسكّرا مستوردا من المكسيك، ويتعاطى معه خبزا مصنوعا من دقيق قادم من كندا، وقد يضيف له زبدة قادمة من فرنسا، ويتجه للدراسة أو العمل بعد أن بدأ صباحه بخطإ جسيم لا أحد يعلم كيف سيصححه عندما ينفذ النفط، ويصبح استيراد هذا الفطور مستحيلا، والقاعدة الحياتية تقول أن الذي يبدأ يومه أو حياته بخطإ لا تنتظر منه أن يواصل أو ينتهي إلى السبيل المستقيم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
8
  • سامط

    ...مادمت(وطنيا.مخلصا.ومؤمن بالمعنى العام)وعلى علم ودراية بهذه(المناكر)التي ترعاها(دولة العزة تارة والكرامة تارة أخرى) وكل عبارات(موضوعك)دينية على غرار(المصلحين والأئمة وخطبهم التخويفية الترهيبية للمصلين)..مادمت هكذا فلما لاتتصل بالعدالة ومباشرة التحقيق ومنه مقاضاة(المتهم)الذي يقف وراء هذه(المواد)المهلكة لصحة الغاشي.والمتلفة للدولار ...اليس من باب من راى منكم منكرا..المنكر يغير بماتفرضه قوانين الدولة المدنية..اما عرضه على الغاشي فهو استهلاك لاغير..

  • موسطاشة

    ما بقالك غير فطورنا الصباحي لم تعيب فيه ؟؟؟ فبمنطقك هذا حتى أنت ليس لك الحق أن تكتب بقلم و ورق صنع في الدول التي ذكرتها في مقالك, و الكمبيوتر الذي تستعمله و الأنترنت التي من خلالها توزع علينا اختراعاتك ...... و خلي و خلي ....كي ننفذ النفط نكملو الحديث.

  • المبهج

    أخي عبد الناصر : نقول عدم نفاد النفط وليس عدم نفاذ النفط .

  • حنصالي

    اسى عبد الناصر خونا عمر عندوا الحق خليك من البكى والشكى هذا الناس كامل يعرفوه يجب ان تغير الزاوية او تتجاوز المرحلة 3واش انت ما طفرهاش3

    انا اضن ان اللعبة الحالية هي لعبة البيارد انا مالعبتاهش لاكن اضن ان مهارتها كيف تحسب الزواية بدقة متناهية حتى اذا ضربت البلورة الاولى ضربت عدة بلورات واصابة الهدف

    اعلم انها حسابات معقدة لاكن هذه هي اللعبة الجديدة يجب ان تخطوا خطوة بالوقت نفسه قد خطوت عدة خطوات

    وايضا منهجيتك غير واضحة دوغم احيانا حماس مرتفع واحيانا احباط يبدوا انك تتؤثر بالواقع

  • ismail

    اسعد الله صباحك يا عبد الناصر و راك ديما تجيب الرحمة لوالديك في كل مقال تكتبه لانك تميل للحق و الحقيقة

  • عمر

    مقال جميل. لقد أحصينا كما هائلا من العيوب التي تعني المجتع. حبذا ومن باب العدل لو ذكرت لنا بعض محاسن هذا الشعب المسكين، لا بد أن هناك أشياء جميلة في خلق الله هؤلاء. هذه المقالات بعدما كثرت أصبحت تسبب لنا الإحباط بدلا من أن تعالج. أرجوك أن تحاول ولو من باب التنويع أن تغير زاوية الرؤية وتبرز لنا بعض النقاط الإيجابية بعيدا عن الغرور نرتكز عليها وننطلق الى الأحسن. باك الله فيك.

  • الزهرة البرية

    التنمية المستدامة أن لا نكون أنانيين و نستنزف خيرات الأرض عمن سيأتون بعدنا ، أي أن يكون إستهلاكنا أكثر عقلانية ونوازن بين مصادر الدخل . فبدل هاته الملايير التي ترمى هكذا لغير حاجة فقط لأجل صورة نمطية روج لها إعلام غيرنا حتى يسوق منتجاته فيعرض لنا أن الناس المرموقين وأصحاب الجاه يستهلكون هذه الأشياء ـ رغم أنها لا تساوي شيئا عندهم ـ والمقلدون عندنا يتبعون كلما جاء من وراء البحار.
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لتتبعن سنن من قبلكم شبرا شبرا وذراعا ذراعا حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم".

  • الزهرة البرية

    أسعد الله صباحكم, لم أكن أسمع بهذا الريدبول إلا من خلال الشروق ولما بحثت عنه وجدت أنه مع الوقت يجعل الرجل عقيما إضافة الى نسبة الكحول التي يحتويها أما الفواكه و المكسرات التي تأتينا من وراء البحار فلا تقارن بما وهبنا الله إياه في أرضنا المعطاء (التمر والعنب والتين هي أغنى الفواكه على الإطلاق) ولدينا من المكسرات التي تعطينا مانحتاجه من مغنيزيوم: اللوز والكاوكاو هذا الأخير وفير الإنتاج حتى شكل مشكل تسويق أبعد منتجيه عن زراعته.
    خلاصة القول ما نحتاجه حقا هو التفكير بمنطق التنمية المستدامة أي....يتبع