الرأي

صحّ عيدكم.. لكن الله لا تربّحكم!

جمال لعلامي
  • 3841
  • 10
ح.م

سيبقى رمضان هذا العام، وصمة عار في جبين التجار “عديمي الذمّة” ممّن أشعلوا النار في الأسعار، طوال شهر الرحمة، واختتموه عشية العيد، بلا رحمة ولا شفقة، همّهم الكسب السريع وملء “الشكارة” على حساب آهات “الغلابى” من الموظفين والعمال الذين يدفعون ثمن الأجرة الزهيدة التي لم تعد قادرة على تحمّل انهيار القدرة الشرائية!
ومع ذلك، صحّ عيدكم أيها الانتهازيون والوصوليون، الذين استغللتم شهر التوبة والغفران، لضرب معنويات إخوانكم، بإلهاب تسعيرة الخضر والفواكه وملابس العيد، وتسبّبتم في حرمان الكثير من الزوالية والمعوزين من عيشة كريمة، لا يمدون فيها أيديهم سواء إلى قفة رمضان أم إلى ذوي البرّ والإحسان!
صحّ عيد أعوان الرقابة وقمع الغشّ، ممّن فشلوا في فرض قانون حماية المستهلك، واستسلموا أخيرا لقانون “العرض والطلب” الذي يفرض منطقه على الجميع، عكس العديد من البلدان التي يلجأ تجارها خلال المناسبات الدينية، الإسلامية وغير الإسلامية، إلى تخفيض الأسعار لعدم إفساد فرحة الناس!
صحّ عيد وزارة التجار ووزارة الفلاحة، اللتين أشبعتا المواطنين كلاما معسولا، وعاقبت المتمرّدين بالوعود والعهود، ولم تفلح في ضمان استقرار الأسعار ومحاربة فوضى الأسواق، فكانت 30 يوما أخرى استغلها “مجرمون” لخلخلة المعيشة اليومية العادية للأغلبية المسحوقة من مواطنين “كرهوا” من الأساليب التي تستهدف “بطونهم” وهم يعلمون بأن الفقر كاد أن يكون كفرا!
صدق من قال: “ما يحسّ بالجمرة غير ألـّي كواتو”، فأصحاب الرواتب الميسورة، دفعوا الفاتورة غالية في شهر تـُصفّد فيه الشياطين، بسبب “شياطين” أدخلت أيديها وأرجلها في جيوبهم، وسرقت جهدهم وعرقهم، وأتت على ما تبقى لهم من دنانير معدودة، قضى عليها أولئك الذين استغلوا العيد لإشعال النار في ملابس الأطفال بطريقة همجية!
هل يُعقل أن ترتفع الأسعار بنحو 50 بالمائة؟ هكذا بشكل غير مسبق وبلا مبرّر، عدا أن الإقبال تزايد، ورغم أن السلع كانت مخزنة، ومنهم من قصد تكديسها وتخزينها، بهدف المضاربة، بعد فبركة الندرة، وللأسف، يحصل هذا “التقنين” والبرمجة للسرقة الموصوفة، في شهر الصيام والقيام، من طرف “غمّاسين” يفتون لأنفسهم بأكل السحت والمال الحرام!
صحّ عيدكم.. لكن “الله لا تربّحكم” وقد سرقتم الناس، وضربتم أعناقهم وأرزاقهم وبطونهم، وتخليتم عن إنسانيتكم وأخلاقكم، وتحوّلتم إلى وحوش كاسرة تأكل الميتة و”الجيفة” دون حساب ولا عتاب.. صحّ عيدكم، لكن الله يهديكم، بعدما نقلتم الرعب إلى دواخل مستهلكين، فرضتم عليهم الأسعار والسلع الفاسدة، وأفرغتم جيوبهم مثلما يُفرغ السرّاق ممتلكات المسروق!

مقالات ذات صلة