الرأي

صفعة للفرنكوش.. فرنسا تنتصر للإنجليزية!

حسين لقرع
  • 3538
  • 51

أخيرا شهد شاهدٌ من أهلها، واعترفت فرنسا نفسُها أن لغتها ليست لغة عالمية ولا تُقارَن بالإنجليزية، اللغة العالمية الأولى، ولذلك ستتخذ خطواتٍ لتحسين مستوى طلاب فرنسا في اللغة الإنجليزية لكي “تُعِدّهم بشكل أفضل لغزو العالم”!

الاعترافُ المدوّي جاء على لسان الوزير الأول الفرنسي إدوارد فيليب في ندوةٍ صحفية عقدها بمدينة ليل شمال البلاد، قال فيها إن “الانجليزية الآن هي اللغة المهيمِنة.. لغة التفاهم بين الشعوب.. عليك أن تتحدّث بالانجليزية إذا أردت أن تتعامل مع العولمة. إن الحكومة الفرنسية ستجعل تخطّي اختبار الحصول على شهادةٍ دولية معترَفٍ بها في اللغة الانجليزية إلزامياً للطلبة في المرحلة الثانوية أو في المستوى الجامعي على أقصى تقدير، والحكومة الفرنسية ستتكفل بدفع تكلفة إجراء تلك الاختبارات التي تبلغ نحو 230 أورو، لديّ قناعة بأنَّ مثل هذه الإجراءات ستُحدث تغييراتٍ كبرى وستساعد الفرنسيين على الخروج وغزو العالم”! 

هو اعترافٌ فرنسي بأن لغتهم التي يحرصون على نشرها في مستعمراتهم السابقة في إفريقيا، ومنها الجزائر، ليست لغة علوم وتيكنولوجيا، ولا حتى لغة تواصل مع شعوب العالم، خلافا للانجليزية التي أضحت اللغة العالمية الأولى، ولذلك لم يجد الوزيرُ الأول الفرنسي بدا من الإعلان عن وضع خطة لتحسين مستوى الطلبة الفرنسيين في الإنجليزية، وتمويلها من الخزينة الفرنسية، قصد دفعهم إلى الخروج من قوقعتهم الفرنسية المحلية و”غزو العالم” علميا ومعرفيا بالإنجليزية! 

تُرى ما الذي يمكن أن يقوله الآن الفرنكفيليون الجزائريون الذين طالما كانوا ملكيين أكثر من الملك وخدموا الفرنسية بـ”تفان وإخلاص” شديدين،  وحرصوا على محاربة العربية من أجلها، وهمَّشوا تدريس الإنجليزية وتركوها إلى الأولى متوسط حتى لا تزاحمها، وقدّموا تدريسها إلى الثانية ابتدائي في مرحلةٍ ما قبل أن يتراجعوا ويؤخِّروها إلى السنة الثالثة؟

ما الذي يمكن أن يقولوه وقد فرضوا الفرنسية في الفروع العلمية والتجريبية للتعليم العالي، وتسبّبوا في تذيّلِ جامعاتنا قوائمَ أفضل الجامعات العالمية؛ في حين تحتل جامعاتٌ إفريقية مراتبَ أفضل بكثير بسبب اعتمادها الإنجليزية لغة تدريس وبحوث؟!

ما الذي يمكن أن تقوله الآن بن غبريط رمعون التي خططت لفرْنَسة المواد العلمية للتعليم الثانوي تحت غطاء “الإصلاحات” المزعومة، وألغت الاختيار بين الفرنسية والإنجليزية في مسابقات توظيف الأساتذة وفرضت الفرنسية وحدها على المترشحين؟  

لقد حاول وزير التربية الأسبق علي بن محمد ترك الخيار للتلاميذ بين دراسة الفرنسية أو الإنجليزية، لكن أتباع فرنسا في الجزائر أبوا إلا أن يفرضوا على أطفالنا الفرنسية لغةً أجنبية أولى بلا منازع، وتآمروا عليه بتسريب أسئلة بكالوريا جوان 1992 وأخرجوه من الباب الضيّق، ونجحوا في تهميش اللغة العالمية الأولى وفرضِ هيمنة الفرنسية على أطفالنا ليروا العالم بعيونٍ فرنسية فقط!

اليوم حصحص الحقّ وأنصف الزمنُ الوزير المظلوم وكل من دعوا إلى إدراج الانجليزية لغة أجنبية أولى في مدارسنا، وها هو الوزير الأول الفرنسي نفسُه يوجِّه صفعة مدوِّية لحزب فرنسا بالجزائر ويقرّ بقُصور الفرنسية ومحلّيتها، وبأن “غزو العالم” علمياً لا بد أن يتمّ باللغة الإنجليزية، ويضع خطة لتمكين الفرنسيين منها ويموِّلها من الخزينة الفرنسية نفسها، فماذا عسى أن يقول الفرنكوش عندنا الآن؟!

مقالات ذات صلة