-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

صمودُ غزّة خطرٌ داهم

صمودُ غزّة خطرٌ داهم

بعد بلوغ الأسبوع الحادي عشر من محرقة غزّة، هل تكفي الإدانة والتّظاهر لنجدة أهل غزّة؟

الإجابة بكل تأكيد: لا. إذن، هل هناك وسائل أخرى يمكن أن تؤثّر في مجرى الأحداث؟

الإجابة بكل تأكيد: نعم.

يمكن من البداية استبعاد أن تقوم الدول العربية الرّسمية باتخاذ خطوة عملية لتغيير موازين القوى في المنطقه مثل التفكير في إعادة توظيف الطاقة وتزويد الدول الحليفة للعدوان أو مراجعة اتفاقيات التبادل الاقتصادي معها بشكل عامّ.

ويمكن أيضا استبعاد موقف عربي عملي في احتضان المقاومة وتزويدها بما تحتاج من وسائل الصمود والحماية والاستمرار.

الإمكانية إذًا تكمن في المواقف الشعبية لا الرّسمية، وذلك عبر التنظيمات الاجتماعية المدنية تجاوزا أو تفهما لمواقف الأنظمة السياسية الرسمية واقعيا وتاريخيا.

يمكن أن تتصور أن تتداعى النقابات والجمعيات والأحزاب السياسية والتنظيمات الثقافية والخيرية إلى تجنيد المواطن العربي بأن يرمي بكل مقدراته في دعم المقاومة بكل الوسائل الممكنة بالتطوُّع الجماهيري والجسدي والمادي والإعلامي مانعة سلطات بلدانها في صدِّهم عن نُصرة غزّة وأهلها من الإبادة والتّجويع والقصف والدّمار وفك حصارهم والتّصدي لما يواجهونه من مخاطر.

وإذا استفرد الصهاينة بالغزّاويين في صمت إجرامي عالمي رهيب، فلا يمكن تصوّر إبادة شعوب المنطقة كلها في صمت عالمي مماثل إثر حركة تطوّعية شعبية واسعة النّطاق.

إنّ اللّجوء إلى ردّ الفعل المجتمعي لا يُعَدّ تجاوزا للجهات الرّسمية بقدر ما هو مظهرٌ من مظاهر الوعي للضمير الجمعي للأمة التي منها وبها ولها تكون السلطات، فإن لم تقم هذه الأخيرة بما يجب أن تقوم به، لأي سبب من الأسباب، عاد الأصيل وهي الأمّة لاختيار ردّ الفعل الذي تراه مناسبا.

وبالرجوع إلى الهدف الذي رسمه العدو الصهيوني لنفسه وهو القضاء على حماس أو إضعافها إلى الحد الذي لا تهدّد فيه وجود الكيان الصهيوني، نتبيّن أنّه عنوانٌ لهدف أكبر غير معلن. إنّها تمارس حربا على مرجعية “حماس” التي تؤمن بها الأمّة قاطبة، وهي أنّ الدِّفاع عن الأرض والعِرض شرفٌ لا يناله إلّا من صَدَق إيمانُه وحزمت عزيمتها، وهو أسمى مراتب الإيمان ورسوخ العقيدة.

والأمّة قد تختلف مع حماس من ناحية التنظيم والبرنامج السياسي المتعاطي مع المصالح المعيشية والسلطوية، ولكنها لا تختلف معها إطلاقا في المرجعية العقيدية والإيمانية.

ولهذا السبب تقاطعت مصالح آل صهيون المرحلية مع مصالح سلطات دولية وإقليمية فيما يتعلق بإطفاء جذوة مرجعية “حماس” التي كشفت عن صمود أسطوري وتضحية  في التمسك بالأرض انطلاقا من معاني إيمانية ظنّ المحتلون للعالم الإسلامي عبر التاريخ أنّهم قد أضعفوها إلى درجة تقترب من القضاء عليها ودفنها إلى الأبد.

هذه الجذوة التي أوقدتها “حماس” من جديد هي التي تقُضُّ مضاجع القوى الإقليمية وترهب الصهاينة ومن وراءهم ومن حالفهم من قوة الاستدمار والاستكبار العالمي.

إنّ عدم تحقيق هدفهم في القضاء على “حماس” هو نذير شؤم بالنسبة لهم ويرسم الخطوة الأولى في طريق زوال سلطانهم واستئصال شأفتهم، وهي بهذا المعنى تصبح معركة وجود لا معركة سلطان فقط، ومعركة مبادئ لا نِزال مصالح، وأنّها معركة الحق ضد الباطل، بل معركة بين من كُلِّفوا بعمارة الأرض والاستخلاف فيها وبين من عاثوا فيها فسقا وفسادا وإفسادا ولم تسلم منهم الأنفس والأعراض والأموال، وراحوا يملئونها ظلما وعدوانا.

إنّ معركة غزّة ليست إلّا فصلا من فصول الحرب التي أعلنتها قوى البغي والعدوان على الإنسان الرّافض للاعتداء على فطرته في العيش متحررا من ربوبية الأهواء والشّهوات وتيارات عبادة الذّات وتأليه النزوات وأعداء فطرة الله التي فطر الناس عليها.

إنّ معركة غزّة إذن هي معركة الأمّة، بل معركة الإنسانية، ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • الأورو

    وين راه الأورو تع بروكسيل؟