-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

صندوق التفريق بين المرء وزوجه

الشروق أونلاين
  • 5123
  • 2
صندوق التفريق بين المرء وزوجه

وجدت نفسي رئيسا لصندوق “المطلقات”، بعدما كلفت بإعداد مشروع القانون الأساسي لهذا الصندوق” الأسود”. كنت قد كونت لجنة مكونة بحسب الدستور من 30 في المائة من الإناث والبقية ذكور. النساء الممثلات في اللجنة، 120 في المائة منهن مطلقات (يعني أنه بعض “النساء” المحسوبات على الرجال، أعتبرن نساء رغم ذقونهن! فالرجولة ليس بالشوارب ولا باللحى، بل بالمواقف والأعمال والأفعال!) هكذا، كونت الجنة مناصفة 50 في المائة للنساء و50 في المائة للرجال.

الرجال كلهم مطلقون بدون أبناء، أما النساء فمطلقات بأطفال! اخترت اللجنة بعناية لصياغة القانون بدون معارضة ولا جدال. الغرض من إنشاء هذا الصندوق، هو تعويض الضرر الحاصل بعد الطلاق للمطلقات اللواتي لهن حق الحضانة والحصانة. حاول بعض الرجال في اللجنة أن يقترح إعطاء الحضانة للرجال لكي لا يشجع القانون على الطلاق، لكن التعليمات التي أعطيت لي، كانت صارمة: لابد من تشجيع الطلاق، لأن الطلاق هو السبيل الأوحد إلى تجسيد الحريات الفردية وخلق مجتمع جديد حر مستقل متمتع بكل آليات وحقوق المواطنة الفردية. كما أن هذا القانون من شأنه أن يعزز التعايش السلمي بين الأزواج بدون زواج، مما يعني أن الزواج مستقبلا سيكون بدون أطفال، وهذا ما نريده ونرغب فيه على المدى المتوسط والبعيد، لأنه بصراحة لم يعد في مقدورنا تأمين الأكل والشرب والسكن والخدمات لكل الناس، إذا سرنا على هذا النحو. إذ أنه، ورغم تحديد وتنظيم النسل، لا يزال كثير من الناس يتوالدون ويتكاثرون كالجرذان. نريد من القلة القليلة التي تبقى، أن تعيش حياة رفاهية، ولا نريد أن نعيش كثيرين لكن فقراء! فالقليل الغني خير من الكثير الفقير، هذه هي القاعدة .

هذا ما كان وهذا ما حصل فيما بعد: صارت النساء أكثر إقبالا على الطلاق بعد إدخال الخلع والعصمة للمرأة في قانون “تحويل الأشخاص”. صارت المرأة تسرع للتوالد في السنوات الخمسة الأولى، للتمكن من التخلص من الزوج بداية من هذا السن أو حتى قبله. الأكثر تفاؤلا وطمعا، كانت تنتظر إلى غاية الوصول إلى 10 بطون، عندها ستضمن حدا قاعديا للأجر يوافق الأجر القاعدي في فرنسا: 10 ملايين سنيتم أي نحو ألف أورو. صار الزواج مجرد مرحلة للعبور نحو الطلاق، مرحلة إنتاج من أجل استثمار ذلك فيما بعد، خاصة لدى الزوجات اللواتي لا يتعدى دخل أزواجهن 2 مليون سنتيم شهريا. صارت المرأة تضرب حسابها بالآلة الحاسبة وتعد نسبة الربح والخسارة في الزواج وفي الطلاق، وصار الطلاق أقرب إلى الاختيار الأحسن، خاصة مع تطور الأزمة وانخفاض القدرة الشرائية مع تزايد ارتفاع الأسعار الذي لم يتوقف. وهذا ما كنا نأمله. حتى صارت النساء يتحدثن عن وضعيتهن بالأرقام: “راني قريب نستقل! راني قريب ندي لاتريت منه! راني ولدت المليون الثالث، باقيلي زوج ملايين ونطلق جده! راني باقية معه غيل على جال المليون العاشر، باش نوفي السميق نتاع لهيه!..هذه ربع سنين وأنا نستنى في المليون الأول، مازال ربي ما فيراليش!..أنا بعد غير نوفي ثلث ملايين، نطلب الاستقلال ونرفع العلام، كرهت من جده! يخلص مليون و 200، طلاقه خير من حسه، واش ندير بيه، أنا نخلص 3 وهو يخلص النص نتاع الخلصة نتاعي ويضل مهبلني ويبغي يديلي دراهمي..! غاية!

كلام كثير سمعناه وأفعال كثيرة لمسناها: الرجل عاد يشتكي، لكن العدالة شجعت الطلاق، لكي تبقى المرأة “رأسها مرفوع”: أرفع راسك آختي! فيما يبقى الرجل “راسه “مفروع”: حط راسك آآبا!…

أنذل الرجل بعدما كان سيدا ودكتاتورا في بيته، وصارت المرأة هي الخصم والحكم: “القايدة حليمة .. جدارمي في التحزيمة..”، بل أن الرجل صار يرتعد أمام زوجته ويغسل لها المواعين والقدور الراسيات، ويسيق لها البالكورات الواسخات، والمراحيض الخانزات، ويطيب لها المأكولات ويسقيها المشروبات، خوفا من إخراجه من بيته بالقانون بحثا عن صندوق الطلاق الوطني. تزامن هذا خاصة مع إنشاء الجمعية الوطنية “للمطلقات الجزائريات الديمقراطيات الشعبيات”، التي تكفلت بملفات الطلاق في العدالة ولدى الصندوق، وتشكلت كنقابة للدفاع عن حق الطلاق، بل واجب الطلاق، حتى سمى الرجال هذه الجمعية “جمعية هاروت وماروت، للتفريق بين المرء وزوجه”. الرجال، أو ما تبقى منهم، شكلوا “جمعية وطنية للدفاع عن حقوق المطلقين بلا حق”، وطالبوا بحق حضانة الأطفال وحصانة العائلة الجزائرية من الانحلال، وحق الرجل المطلق في السكن العائلي عندما تطلب المرأة الخلع أو تستعمل حق العصمة، ولا يزالون يطالبون بهذا المبدأ، إحقاقا لحقوقهم بعدما تحولوا إلى “إس ، دي إف” يسكنون تحت القناطر، ويأكلون ما رمي من فطائر، ويتغطون بما وجدوه من ستائر، ويفرشون الكراطين، بعدما تحرشفت جلودهم وأصبحوا كالزواحف من الحراطين..! وعمت المظاهرات المؤيدة للصندوق من طرف النساء المطلقات بدعم من جمعيتهن، مطالبين بالطلاق من السنة الأولى وحق كفالة الأبناء بدون آباء، سواء ممن أنجبن خارج الزواج، أو كفالة أطفال لأمهات عازبات أخريات، وأخذ رواتبهم كما لو كانوا أبناء من أصلاب آبائهم.


وفي ظرف سنوات قليلة، كان معدل الزواج يتهاوى، وبورصة المهور وسعر الذهب تنهار، وقاعات الحفلات ومتعهدو الأعراس ومصوروها، يحالون على المعاش، أو يجبرون على تغيير أعمالهم كتصوير حفلات الرقص الخاصة في الديسكوتيهات والخمارات التي نبتت تحت كل العمارات. كثرت مسارح اللهو والسينمات، وليالي الأنس وتجارة الأجساد ونوادي الشواذ وتناول المواد، من حشيش وزطلة وبقشيش، ومارخوانا وقنب هندي وهيروين. وصار الناس فرادى كما أردناهم، يستهلكون كما نريد، لا يربطهم رابط ديني ولا عصبي ولا جنسي ولا عائلي: فرادى مستقلين مواطنين مستهلكين.

وأفيق من نومي وأنا أتصبب عرقا: يا لله..هذا الصندوق “الأسود” ماذا يخبئ لنا من “أشرار”؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • حنان

    انا ضد هذا الكلام وانا مطلقة ومكنتش حابة نطلق لكن طليقي ماهوش مسؤول يتعاطى المخضرات وش رايكم نخلي بنتي ونأمن واحد مدروقي على بيبي وكيما كانت بنتي تحبي في الأرض هزت سيجاره نتاع كيف وغير ستر ربي شفتها وش تتصور لوكان كلاتو ا بنتي وشراه ماصيرها و قداش من مرة يخرجنا برا الشقة ويصكر علينا الباب ويبدل القفل نتاع الباب وانا وش ندير مع واحد كيما هذا كل ليلة سكران ويجي يسلم على الصغيرة وانا نعود نبكي ونعيط كيفاش هو نجس بالحرام ويسلم على ملائكة ماهمش كل النساء حاسبينها ماديا كاينين مضلومين من طرف رجالهم يتزوجو بينا على حب ومن بعد كي نجيبو الأولاد يسبونا بلي

  • moi

    Bonjour
    C'est vrai que c'est une décision à double tranchants, mais il faut penser aux femmes qui sont délaisser après plusieurs années de vie commune , juste parce que Monsieur veut refaire sa vie, oubien des qu'elle tombe malade, elle sera mise à l'écart, surtout que la majorité des femmes se sont sacrifiées pour leurs familles, donc ni diplôme ni travail ni revenu et ni toit, j'espère que ça va donner à réfléchir aux hommes avant de prendre des décisions.