صهاينة الوطن
هل يمكن للصهاينة أن يحلموا بنصر أحلى من هذا الذي يتذوّقونه في شهر الصيام؟ سؤال يمكن قراءة الإجابة عنه من أي فضائية مصرية، لم تكتف برمي سهامها اتجاه الإخوان وهذا شأن مصري خالص، فنقلت حربها إلى الجانب الفلسطيني، وما لم تقله الولايات المتحدة الأمريكية وحتى إسرائيل عن حركة المقاومة الوحيدة حماس، قالته هذه القنوات من إعلاميين ألصقوا كل الموبقات بهاته الحركة التي أذنبت في كثير من الأحيان، ولكنها لم تصل درجة الجريمة التي يريد من خلالها هؤلاء إعدامها بسببها.
هم يقولون أن حركة حماس تُلهب سيناء وتتدخل في الشؤون المصرية، وكما أعلنت الأفراح بعد فوز محمد مرسي، في الانتخابات أعلنت الأحزان والغضب بعد الانقلاب عليه، وقد يكون بعض من هذه الاتهامات صحيحا، ولا أحد أجاب عن سبب هذا الكرم الإماراتي والكويتي والسعودي، الذي أسال لعاب الجيش والإعلام في مصر، ولا أحد أجاب عن تهليل الأمريكان والإسرائليين لهذا الانقلاب، لأنهم يعلمون أن التخطيط والتطبيق لهذا الانقلاب وما بعده إنما كان تحت قيادة أجنبية خالصة.
يُصنّف الإعلام الإسرائيلي في المراكز الأولى في حرية التعبير، ولكنه لم يبلغ درجة جلد الذات ورجمها ومنح العِصمة للعدو، التي بلغتها هاته القنوات، فما عادت تتحرّج في القول أن الإسرائيليين أصدقاء، والعدو الحقيقي هو المقاومة الفلسطينية، رغم أن كل المدن المصرية تشهد أن الطائرات الإسرائيلية القاصفة مرّت من هنا. لقد فقدت حماس في منعرج الربيع العربي الثلاثي الذي وقف إلى جانبها في العدوان الصهيوني الأخير على غزة، بعد أن جرفها نفس هذا الإعلام المصري لمعاداة إيران وسوريا وحزب الله، وبقيت تستجير بمحمد مرسي ودولة الإخوان، ولكنها الآن فقدت آخر حليف معنوي لها، وتقوّت إسرائيل في منعرج الربيع العربي الثالث عندما دخلت بعض الدول العربية في متاهات أمنية، رغم أنها لم تكن أكثر من ظواهر صوتية تقول ما لا تفعل، وهي الآن أقوى من أي زمن آخر.
منذ عام 1948 والصهاينة يحاربون لأجل مشروعهم الكبير، فكانوا يربحون برغم خسائرهم البشرية عام 1973، وخسائرهم الديبلوماسية في حربهم على غزّة وخسائرهم المعنوية في عدوانهم على لبنان، ولكنهم الآن صاروا يربحون من دون أدنى خسارة، بعد أن امتلأ الوطن بصهاينة من نوع آخر يقومون بالدور الصهيوني في شبه خبل أصاب الأمة.
أن يقول إعلامي مصري أن “البلاوي” التي عاشتها مصر منذ الأربعينيات إنما بسبب الفلسطينيين، وأن تقول إعلامية بأن مصر ضحت كثيرا من أجل فلسطين التي عضّت يدها، فمعنى ذلك أن الحكم القادم في مصر، قد يكون خليطا من تسلّط جمال عبد الناصر، وإرهابه وشنقه للإخوانيين، وخضوع أنور السادات وسيره في الفلك الصهيوني، وانبطاح حسني مبارك، الذي كان يجلس القرفصاء أمام جوامع الخليج يطلب الصدقات.. بئس الربيع إن كانت هذه هي أزهاره وطيوره.