-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ضحايا وأضاح..سمينة ورخيصة !

جمال لعلامي
  • 1785
  • 0
ضحايا وأضاح..سمينة ورخيصة !

لم يعد المواطن المزلوط قادر على تحمّل ضربات فوق رأسه، ففي زمن التقشف تلاحقه فواتير الدخول المدرسي بعدما أنهكته نفقات رمضان وعيد الفطر، وهاهو عيد الأضحى يوجّه له الضربة القاضية، حيث “نطحه” كبش أقرن أملح سمّنه السماسرة بنخالة الدجاج لبيعه “سمين وغالي”.

النطيحة والمتردية وما أكل السبع، وسط السياسيين والأحزاب والبرلمان والمجالس “المخلية”، لم تعد مهتمة ومكترثة بحال المواطن المقطوع من شجرة، ولذلك فهي في عطلة أبدية مدفوعة الأجر من الخزينة العمومية في موسم التقشف و”الهفّ”  !

بقايا النواب عادوا إلى برّ-لمان غير نادمين، لأنهم سيُغادرونه سالمين غانمين، عكس ما دخله أغلبهم “مزلوطين”، وهذه العودة مقتبسة في كلّ مرّة من “وعادت ريمة إلى عادتها القديمة”، فالنائب أصبح يتفنن في التمثيل على “شعيب الخديم” بدل تمثيله والدفاع عنه عندما يتعلق الأمر بثلاثة هزلهنّ جدّ !

لم تعد الطبقة السياسية قادرة على التخدير وعلى التهدئة وعلى شراء السلم الاجتماعي..لم تعد قادرة على الإقناع والإبداع، ولم تعد قادرة حتى على ممارسة “الفستي”، ولذلك ستصطدم مع عودة الانتخابات بـ “حيط”، طالما أنها لم تستفد من الدرس..ربما لأنها لم تستوعبه !

الحديث عن “كبش العيد”، هو جزء من الحديث عن “كباش السياسة”، فسوق الأضاحي لم تعد حكرا على “الموّالين” الفعليين ممّن يملكون “بطاقة موّال”، أو “بطاقة فلاح”، فقد اقتحم هذه السوق سماسرة ومنتحلو صفة ونصابين وباحثين عن الربح السريع، تارة بالتسمين و”التعليف”، وتارة أخرى بالتغليف والتزييف والتحريف !

المواطن أصبح يشعر بأنه “مذبوح في العيد أو عاشوراء”، ولذلك لم يعد قلقا كثيرا لانهيار القدرة الشرائية، ولا إلى تحويل الزيادات في الأجور إلى بقشيش وفق إلغاء المادة 87 مكرّر، ولا إلى عودة “التطباع” على “شكارة حليب”، ولا إلى جشع التجار عديمو الذمّة ممّن يحرّمون “الحلوف” ويحللون مرقه في المآدب والمنادب وفي الأفراح والأقراح !

الوعود والعهود الكلامية، هي احد الأسباب التي جعلت “المعذبين” لا يصدقون الحقيقة نفسها، ولهذا أصبح السياسيون يتكلمون أكثر ممّا يتنفسون دون فائدة وبلا حصاد، وتمّ إفراغ الأحزاب والبرلمان والمجالس المنتخبة من محتواها وأهدافها ومهامها، بعدما حوّلها منتخبون إلى شركات “صارل” لتسمين “أضاحي” السياسة المسوسة !

لقد تحوّلت الطبقة السياسية إلى مفرخة لصناعة القلق والخوف، نتيجة تحوّلها منذ إقرار التعددية الحزبية، بعد أحداث الخامس أكتوبر 1988، إلى مفرغة لاحتواء وحرق الانتهازيين والوصوليين والمحتالين وتلك الكائنات الغريبة التي تقول ما لا تفعل وتفعل ما لا تقول !

..”يخدمها الفرطاس وتحصل في بوشعور”، أو “في بولقرون”، هكذا أصبحت الأحزاب في نظر الزوالية الذين أنهكهم التفكير في نفقات المواعيد الاجتماعية والعائلية والمهنية، التي تتعدّد ولا تريد أن تتجدّد أو تتبدّد..والأخطر من ذلك، أنها تتهدّد وتتوعّد !

الطبقة السياسية، بوزرائها ونوابها ومنتخبيها، والتي لا يلتئم شملها، للبحث عن مخارج النجدة، من أيّ أزمة، أو عاصفة، تستحق أن تتعامل معها الأغلبية المسحوقة، وفق منظور “المذبوحة التي تضحك على المسلوخة” !


قد يقول قائل، أنه من الإجحاف وضع الجميع في “شاشية واحدة”، لكن الواقع يعطي الانطباع، خاصة لليائسين والمقنوطين، أن “موس واحد” يذبح هذه “الأضاحي” التي أصبحت في مواجهة الكباش المستوردة من البرازيل وإسبانيا، وحتى اللحوم المجمّدة المحمّلة عبر بواخر من موانئ الهند وغيرها !

القدرة الشرائية، أضحت أكبر “حزب” يُنافس الأحزاب المعتمدة وغير المعتمدة، فهي الفضاء الواسع الذي يجمع ملايين “المهرودين” والمضروبين في جيوبهم ومعيشتهم ولقمة عيشهم، ومع ذلك، تنام الطبقة السياسية في سابع نومة، وتغرق في شعور العسل والبصل، ولا تستيقظ إلاّ على الهبل والخبل وهي معلقة بالحبل على عرض الجبل !

في كلّ مرّة، يُثبت السياسيون أنهم غير قادرين على نقل الرعب إلى “اللوبيات”، وحماية المغلوبين منهم، وتأمين جيوبهم، وهاهو كبش العيد يتحوّل إلى “غنيمة” يصطادها المنتفعون، فيرفعون البورصة، في وقت سقط فيه الدينار أمام الأورو والدولار أو يكاد بالضربة القاضية !

..اللهمّ لا نسألك ردّ القضاء، وإنّما نسألك اللطف فيه..اللهمّ حوالينا ولا علينا..هي دعوات تسكن الألسن، وهي الوحيدة التي أصبحت “باطل”..لكن كلّ ما بُني على باطل فهو باطل !

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!