-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ضرب الأبناء معيار فشل الآباء

جواهر الشروق
  • 14839
  • 16
ضرب الأبناء معيار فشل الآباء
ح.م

طفل لم يتعدي العشرة أعوام كان يلعب بالكرة في غرفة استقبال الضيوف وأمه تنادي عليه أن يحترس من كسر الزجاج وإلا نال عقاباً من والده، لكن طفولته لم تستمع لكلام الأم ليواصل لعبه وما هي لحظات إلا وكسر التلفاز، وعاد الأب من العمل ليجد ابنه يصرخ باكياً أنه ما قصد كسره إنما جاءت ركلة طائشة فهشمته، لكن ما كان من الأب إلا أن ربط يديه بالحبال السميكة في سرير نومه من يديه وانهال عليه ضرباً، ثم أغلق الباب عليه وهو يشتاط غضباً، وعندما فتح الباب في الصباح وجده فاقدا للوعي، ونقل إلي المستشفي وبعد ساعات خرج مبتور اليدين، وبين شهقات البكاء قال الطفل: “أبي أعد لي يدي ولن أكسر التلفاز مرة أخرى.”..

قصة مبكية تصدرت الصحف والمجلات وبعض وسائل الإعلام في إحدى القرى المصرية والتي كان صبيها أحد ضحايا العنف التربوي غير المقصود، وكغيره يستصرخ الكثير من الأطفال بآبائهم محتجين على أساليب العقاب العنيفة.

 ما هو العقاب؟

العقاب وسيلة تربوية تستخدمها الأسرة أو المؤسسة التعليمية لتوجيه الطفل وإعادة تحسين سلوكه، وهو ما يعتبر مفيدا بشرط تحديد شكل العقاب والوقت والكيفية الذي يتم بها·

وهناك العديد من وسائل العقاب التربوي التي تأتي نتائج إيجابية مع الطفل بعيداً عن إيذاءه النفسي أو الجسدي ومنها حرمان الطفل مما يريده أو مما يحبه سواء كان شيئا ماديا كاللعب أو بعض الحلوى أو معنويا كزيارة شخص يحبه، أو الذهاب إلى النادي، وهناك العقاب اللفظي من العتاب المؤثر، وهناك أيضا التأنيب المعنوي من ملامح الأم والأب وظهور علامات عدم الرضي علي وجهيهما، أو طلب الأم من الابن أن يذهب إلى غرفته ويحاسب نفسه على تصرفاته، وغير ذلك من الوسائل المفيدة.

وفي السن الصغير تستطيع الأم عمل لوحة كبيرة للطفل وتقص من الورق بعض الوجوه المبتسمة السعيدة ، وأخرى حزينة تبكي، وعندما يقوم بتصرف جيد تجعله يلصق وجه سعيد، وعندما يقوم بعمل خاطئ يلصق وجه يبكي وفي نهاية الأسبوع تراجع الطفل عن كل تصرفاته الصحيحة والخاطئة.

ويجب أن يتفهم الوالدين جيداً أن الضرب يستخدم كأسلوب تربوي بمحاذير شديدة ، لا أن نجد أماً تضرب ابنها لأنه سكب الطعام أو الشراب على الأرض، أو لأن تحصيله الدراسي ضعيف، أو لأنه تشاجر مع أخيه أو لأنه لعب واتسخت ملابسه، فهذه كلها مواقف يتم عالجتها بطرق تربوية غير الضرب، فالإشارة من النبي عليه السلام للعقاب كانت للصلاة ، حين يبلغ الطفل سن العاشرة وهو سن البلوغ والحساب، وهنا فالضرب غير المبرح، إنما الإهانة فقط  ليعرف أنه اقترف ذنباً كبيراً في علاقته مع ربه.

ويستخدم الضرب كورقة أخيرة، ويجب على الوالدين الحذر من التعامل معه؛ لأنه لو استخدمها ولم تُجْدِ ماذا سيفعل؟! ستسقط هيبته وهيبة العقوبات وسيستهين الأبناء بهما مهما اشتد ولو في قراره أنفسهم، ومما يجب مراعاته عند الضرب تجنب الوجه، وألا يضرب الوالدين أثناء الغضب وهذا مهم جداً، وليكن الوالدين قدوة لأبنائهم في كيفية تعامله مع غضبه بالاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من وضوء واستعاذة وتغيير وضعه جلوساً أو قياماً أو اضطجاعاً، ثم يتصرف مع أبنائه بما يراه صواباً.

الترغيب أولاً

يعتقد الكثيرون أن الضرب هو الأسلوب الأنسب والأكثر فعالية للمحافظة على استقامة الأبناء، وأن أسلوب الترهيب هو الذي يجدي غير الترغيب الذي يولد أطفالاً لا يستطيعون مواجه الحياة بسبب ” الدلع”، وهذه أفكار خاطئة تماماً تزرع كل ما هي سلبي في الطفل، كما أن البعض يلجأ إلى الضرب وذلك لمجرد التنفيس عن الغضب الذي سببه تصرف الطفل، وغالباً ما يسبب الغضب ضرباً انتقامياً مبرحاً يترك أسوأ الآثار النفسية والبدينة ويكون شخصيته متسمة بالخوف والرعب والجبن كما يقتل الجمال والإبداع والابتكار لدي الطفل ويخلق لديه اللامبالاة، كما انه سببا رئيسيا للعديد من الأمراض النفسية كالتوتر العصبي والأحلام الفزعة أثناء النوم وقرض الأظافر.

لابد من الموازنة بين الثواب والعقاب حتى يقارن الطفل باستمرار بين نتيجة تصرفه الصحيح وتصرفه السيئ، فلابد من إعطاء الطفل الدافع للإختيار بين الثواب والعقاب، حيث سيحرص علي عمل ما يجلب رضا والديه، لكن دون وقوع الوالدين في فخ رشوة الطفل لاختيار السلوك الصحيح.

ومن الأخطاء الشائعة في العقاب أن تهدد الأم ابنها في كل سلوك خاطئ بأن أباه سيعاقبه عندما يعود إلى البيت، وهذا يجعل الأب شرطياً مهمته العقاب فقط  ويفقد دوره كصديق حميم للأبناء، بل إن الوالد هنا يجب أن يعاقب الابن حتى لا يشعر الطفل بأنه لا دور للأب – بناء على تهديد الأم – ومن هنا قد يشعر الأب بأن المشكلة تافهة لا تستحق العقاب لكنه مضطر لذلك لأجل إنقاذ الموقف تربوياً.

وهناك معايير ثابتة للعقاب بوجه عام يجب أن يتفق عليها الوالدين، وأن يتناقشا فيها مع مدرسي الطفل في المدرسة، فمثلاً لا يعاقب الطفل علي شيء ترفضه الأم ويتقبله الأب أو العكس، وأيضا لا يعاقب الطفل علي خطأ ما ارتكبه وعندما يكرره لا أعاقبه، لان هذا بدوره يفتت القي عند الطفل، وينشأ مهزوزاً بين الصواب والخطأ·

مخاطر العقاب غير التربوي

العقاب المضر درجات، بداية من التعنيف اللفظي حتى الضرب المبرح المؤذي جسدياً، وهنا فتجريح الأبناء والاستهزاء بهم أو سبهم بألفاظ سيئة أو الدعاء عليهم له مخاطر كثيرة حيث إنها تعطي الطفل أحياناً شعوراً أنه غير مرغوب فيه من قبل والديه وأسرته وأنهم لا يحبونه فيسبب ذلك الكثير من النتائج السلبية قد تنتهي بالطفل إلى الهروب من المنزل للبحث عن بديل يحبه ويرعاه، وكثرة الصراخ في وجه الطفل ونقده العاطفي يشعره بأنه لا أهمية له وبالتالي يفقد ثقته في نفسه وثقته في والديه ويفقد الشعور بالأمان وبالتالي ينشأ شاباً فاقد الثقة في المجتمع ولا يبالي به، وبالتالي قد يتجه لبعض السلوك المنحرف لإثبات نفسه.

كما أن الاستهزاء بمشاعر الطفل تعلمه كيف يخفي مشاعره حتى لا يتعرض لمزيد من العقاب أو مزيد من السخرية وبالتالي يشب مهزوزاً فاقد الثقة في نفسه ومن حوله، وقد يظهر رد الفعل بالتأخر الدراسي أو الهروب من المدرسة وبالعداء والعدوانية والأمراض الجسدية الناتجة للتعرض للعقاب الجسدي قد تظهر في شكل نشاط زائد أو الانزواء أو الإسراف في تناول الطعام، أو بعض الشكاوي البدنية كالأمراض الجلدية والتلعثم في الكلام، أو التبول اللاإرادي·

ومن المؤسف أن التبول اللاإرادي يؤدي إلي مزيد من الضرب وهكذا ندور في حلقة مفرغة، وعندما يشكو الطفل من أعراض بدنية ليس لها أصل بدني واضح فلابد أن نأخذ في الاعتبار إمكانية تعرضه للضرب كجزء من التشخيص.

العلاقة بين العنف التربوي والاكتئاب

التعرض للعنف في الصغر هو أحد الأسباب المسئولة عن ظهور الإعاقات النفسية المعرقلة لتطور ونمو الشخصية السوية والمسئول الأول عن ارتفاع المعدلات الأولية للإصابة بالاكتئاب، حيث الإحساس المتزايد بفقدان القيمة والشعور بفقدان الأمل والانفصال التام عن الآخرين وتفضيل العزلة والوحدة علي الوجود حتى مع الأشخاص الذين يحبونهم، ويؤكد التعريف الأوروبي للتعددية في الشخصية أن التعرض للعنف المستمر في الصغر يؤدي لاضطرابات حادة في الشخصية، وغالبا يتكرر نفس المصير بمعني أن الأم أو الأب الذين تعرضا للعنف صغارا قلما يستطيعان ضبط أعصابهما، بل وقد يتعمدان تعريض أطفالهما للعنف البدني أو النفسي ويستمر مسلسل العنف في الأسرة جيلا بعد جيل مما يفقد تلك الأسرة السعادة والنجاح وحتى الأمل بحياة مستقبلية·

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
16
  • واقعية

    في مجتمعنا الاولاد و البنات يضربون وهم صغار اذا فعلوا خطا كبير لكي يرسخ في ذهنهم او لتعليمهم الصلاة و عندما يكبرون ممنوع الضرب و يبلغون لا يضربون اللهم الا استثناء لكن البنت ممنوع ضربها عندما تكبر لانه يكسرها تقويمها بالحزم و النهي بالكلام لهذا مجتمعنا البنت تكبر بقدرها و تقدر من حولها و زوجها و ان اراد تاديبها هناك الف طريقة اما الذي يضرب اخته و زوجته هو دليل فشله و ضعفه

  • محافظ زمن التفسخ

    ربي يحفظك يا رقم 14
    وربي يهديك يا رقم 13، سوف تكون السجون مليئة بمن يقود الاسرة، وعندها تصير الاسرة كالغنم بلا راعي
    هذا ما يبحث عنه بنو علمان وبنو كلبان، فهم منكم رجل رشيد؟ فهل في الحكم رجال راشدون؟

  • s

    الله يرحم والديك يا محافظ

  • abd

    على غرار التعديل الجديد الذي ذكر في الصحف من سجن الرجل الضارب لزوجته، فلا بد من سجن الوالد أو الوالدة الضاربة لابنها او بنتها

  • محافظ زمن التفسخ

    الرد: 6
    --------
    القضية ليست أبدا "عنف ضد المرأة" أو "عنف ضد الطفل" وإنما القضية قضية سلخ الأمة من هويتها المبنية على احترام الأب والاستاذ والولي..
    الأب يقيدونه بقوانين تمنعه من تربية أبنائه وزجر زوجته إن رأى فيهم التمرد، والاستاذ تمنعه من حتى إعطاء نصائح دينية وأخلاقية، أم طاعة الولي فهي مكفولة في ديننا... إذن لا خوف على مصالحهم...

    ديننا وتقاليدنا ليست اعتباطية، فتربية آبائنا في الصغر على الصرامة والخوف، خلقت فينا الاحترام وتقديس الآب والاستاذ، والنتيجة نحن نفكر ونحلل، بعكس جيل الأنانيش اليوم.

  • محافظ زمن التفسخ

    الرد: 5
    --------
    أما العسكر فهم سلاحنا الذي نحمي به أنفسنا، لا ينبغي أبدا التهاون والتسيب فيه، ما عدا ذلك انشروا الأفكار الإلحادية التي تقدس المادة وتنكر خالق المادة، أنشروا الأفكار التحريية التي تحرر الشباب من القيود الدينية، أنشروا الأ فكار الغربية التي تحول الشباب إلى البهيمية ويتركوا الحاويات والتجارة الخارجية لنا ولأبنائنا
    أبناؤنا نحن المسؤولون يلتحقون بالجامعات الغربية أما أبناء الفقاقير فأكثروا لهم الحفلات في الجامعات الجزائرية، لأنهم في الأخير سيكونون سلاحنا العفن في وجه إخوانهم المصلحين

  • محافظ زمن التفسخ

    الرد: 4
    --------
    ما أستخلصه من هذه الحملة الشعواء على المدرسة والأسرى هي بقيادة مخططي الحكم في البلدان العربية، فمن جهة يريدون الحرية في المدارس والسجون والملاعب، حتى يتلهى الشعب بالفساد واللهو، والبداية تكون من الأسرة ثم المدرسة، والويل للأب الذي يربي أنباءه ويستر بناته، ثم الويل للأستاذ الذي يحرم الأطفال من الإكستا والراستا، فهؤلاء سيكونون صالحين ومفكرين، وبالتالي معارضين ومسيرين، ونحن في الحكم الفاسد لا نريد أمثال هؤلاء.

  • محافظ زمن التفسخ

    الرد: 3
    --------
    قد يقول قائل: كذا وكذا...
    لكن نفس القائل يتناقض في كلامه ويظهر نفاقه لما تقول له:
    لماذا نفرض على الاستاذ أن يهادن الطفل وهو في مرحلة تربية ولا نفرض على الجنرال أن يهادن العسكري رغم أنه متربي؟
    إن كان اختلاف في العمر فالسؤال التالي:
    لماذا نفرض على الحارس أن يلاطف السجين ولا نفرض على القائد أن يلاطف العسكري؟
    تقول لي: العسكري هو حارس البلد، ولا ينبغي أبدا التهاون في ذلك!
    الطفل هو مستقبل البلد، فكيف يمكن التهاون فيه؟

  • محافظ زمن التفسخ

    الرد: 2
    -------
    دعنا نرى الأمور بمنظار آخر، ولا داعي للتلاعب والتهرب يا معلقين:
    ما نراه من ثورة على تقاليدنا العربية الاسلامية هو بسبب أفكار أساتذة ومفكري علم النفس والاجتماع، وتراهم يقدسون أقوال فلاسفة الغرب ونفسانييهم ولا يعيرون اهتماما لأقوال علماء المسلمين، فنرى تضاربا في تفكيرهم، والخلاصة نبدهم لكل تقاليدنا رغم أنهم يعيشون بين ظهرانينا.

    لا يمكن تطبيق قواعد الغرب الملطخة بالاباحية والحرية المطلقة في مجتمع دينه يعلمه النظام والاتزان؟ لا يمكن...
    لا يمكن أن نطلق العنان للابن والتلميذ ونطالب ا

  • محافظ زمن التفسخ

    الرد: 1
    --------

    يا تعليق 6
    ما قولك في حديث: «عَلِّمُوا الصَّبِيَّ الصَّلَاةَ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا ابْنَ عَشْرٍ»

    يا سي محمد: ما قولك في كلام رب الأنام:
    واهجروهن في المضاجع واضربوهن...
    الحرة والعاقلة لا تصل إلى هذا الموصل، لكن البرهوشة تحتاج للضرب...
    أكيد ليس ضربا وعقابا مؤلما، لكنه تأديبي...

    وبالتالي، أتركوا أفكار أمريكا لأمريكا، فما نرى في مجتمعهم إلا البذاءة والعنف والقتل والسرقات وإهانة الرسل والوالدين والشيوخ وكل شيء، إنها الحرية المطلقة التي لا تقيد إلا بشيء...

  • بدون اسم

    يا عابر سبيل متخلف لم يثبت عن النبي انه ضرب امراة او غلاما..

  • عابر سبيل متخلف

    هذا كلام نظري فلسفي لا علاقة له بالواقع نحن لسنا ملزمين بنظريات الآخرين ربما قال هذا الكلام من ليس له أولاد أصلا الضرب مفيد إذا كان في حدود و قد ذكره الله في كتابه و الرسول عليه الصلاة و السلام في سنته فالزوجة تضرب إذا نشز و تمردت و أرادت تخريب البيت أو تطلق هل الطلاق جميل طبعا القوانين الجديدة ممنوع لأننا نصارى و التلميذ يضرب و الولد يضرب و الزاني يجلد أم الجلد جريمة و الحل إحضار إمرأة أخرى للزاني ليزني بها؟؟؟ و تكتبونه مجرد نظريات غربية الفلسطنيون يضربون و يقتلون كل يوم و لا أحد اعترض

  • sihem

    ma méthode pour mes enfants:c'est que chaque jour ,je commence le 1er jour du mois de donner des autocollants (1 autocolant) par jour si l'enfant suit mes consignes toute la journée et a la fin du mois l'enfant qui a beaucoup d'autocollant ,c'est lui qui a une récompense par ex:acheter lui un cadeau comme livre ou aller avec lui au restaurant pour manger une pidza,sortir avec lui au parc ou a mc Donald etc......

  • بدون اسم

    طريق التربيةة الحوار للاب عمادة ذلك

  • بدون اسم

    للعنف وسائط ووسائل عوامل ونتائج كل نتيجة عندها مسار دقيق لتنمو شجرة فيها اكثر من ورقة لا للكتابة بل لتاكل وتمتص الماء والاملاح والشمس وتجد ثمرة صغيرة تقاوم جميع العوز والظروف القاسية لتاخذ احداثيات الفضاء الحيوي التي تشغله و تظهر لنا فنقطفها ونستفيد

  • بدون اسم

    توجد صديقتي ابوها علمها السيارة وعينيها مغمضة