-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ضفدعة اسْتَبْقَرَتْ

ضفدعة اسْتَبْقَرَتْ

قرأنا ونحن صغار لمّا ندخُل “عالم الأفكار” أن ضفدعة اتخذت من مستنقعٍ دارَ قرار، ولم يكن يأْبَهُ لها إنسٌ ولا جانٌ ولا حيوان، لأنها ذاتُ شكلٍ قبيح، وصوتٍ غير مليح، فانتقمتْ من مُحْتقريها بإطلاق صوتها المُنْكَر، فلمّا عِيلَ صبرُ جيرانها من الحيوانات رفعت عليها دعوى إلى ملك الغابة، وقد جاءت هذه الدعوى على لسان مُدَّعي الحيوانات كما قال أحمد شوقي:
تُنَقْنِقُ الدَّهْرَ بلا عِلَّةٍ وتَدَّعِي فِي المَاءِ مَا تَدَّعِي
وطلب هذا المُدَّعي حُكما على هذه الضفدعة بأن تُعلَّقَ من أرجُلها الأربعِ مخاطبا الملك بقوله:
فانظر إليك الأمر في ذنبها ومُرْ نُعَلِقهَا من الأرْبَعِ
غاظ هذه الضفدعةَ أنه لم يلتفت إليها السفهاءُ فضلا عن العقلاء، فأرادت أن تفعل شيئا يُلفت إليها الأنظار ولو بأفعال الفُجَّار، فوقع نظرُها المُلطخ بماء المستنقعِ الآسِنِ على بقرة سمينة، جميلة المنظر، طيّبة المخبر، فهي لا تأكل إلا طيّبا، ولا تُدِرُّ إلا لَبَنًا خالصا سائغا للشاربين، فأوحي إليها أن تُجرّب مستحيلا، وهو أن تتضخّم حتى تصير مثل هذه البقرة.
استنصحت هذه الضفدعة الذميمة شكلا وفعلا شيطانَها، فأشار عليها بأن تتوجَّه تلقاء ذلك المجرى المائي القريب وتَعُبَّ من مائه حتى التَضَلُّع.. ولغباء هذه الضفدعة لأنها لا عقل لها فعلت ما أشير به عليها، فراحت تَعُبُّ الماء حتى انفجرت، وذهبت مثلا.
هذه القصة تنطبق على “دويلة عربية” لم تكن قبل بضعة عقود من الزمن شيئا مذكورا، ولكنها الآن تُريدُ أن تَحشر نفسها مع الكبار، وبما أنها لا تملك إلا ما في باطن أرضها من سوائل فقد ظنّت أنها بفضل تلك السوائل يمكنها أن تكون شيئا مذكورا، ولمّا لم تُمكّنها إمكاناتُها من ذلك، فقد راحت تلعب دور العجوز الشمطاء، زارعة الفتن ما ظهر منها وما بطن في الوطن العربي، مؤدِّية دور إبليس، وصدق من وصف مسؤولها الأول بـ”شيطان العرب”. واستعانت بالمال لاستنزال هِمم من ليس لهم همّة، وشراء ذمم من ليس لهم ذمّة، الذين اتخذوا أعدى أعداء الله والمؤمنين أولياء.
والأعجبُ أن هذه الدولة ليس لها غيرة على ما تعتبره جزءا من أرضها، الذي هو مُحتلٌّ من دولة أخرى، ولكنها لا تذكره حتى في منامها، وتحاول أن تلعب أدوارا شيطانية في أماكن بعيدة عنها بآلاف الأميال عن طريق العملاء.
ومنذ أيام قليلة رأيتُ في الشاشة ممثلة هذه الدولة في الأمم المتحدة “تُقبِّلُ” مثنى وثلاثا ممثلَ الكيان الصهيوني، مجسدة قول الشاعرة وَلّادة بنت المستكفي الأندلسية القائلة:
وأمكّن عاشقي من لثم ثغري وأعطي قبلتي لمن يشتهيها
والفرق بين الأنثيين أن وَلّادة تملكُ ما يغري الذُكْرانَ من لثم ثغرها وتقبيلها.
إن هذه الدويلة التي لمّا تبلغ الحلم قد بدأت معالم انفجارها، إذ لكثرة ما فيها من أمشاج أقامت أنصابا لأديان تهوي بأتباعها إلى سواء الجحيم، ولن ينفعها من يوظفها من الدول الأخرى الكبيرة كالولايات المتحدة على الباطل الأمريكية، ودولة الكيان الصهيوني المختلَقة.
لقد ألغزتُ في هذه الكلمة راجيا من هذه الدويلة أن تؤوب إلى رشدها وتعلم الحكمة الإفريقية القائلة: إذا تصارعت الفِيَلَةُ فالضحية هي الأعشابُ والحيوانات المجهرية، وقد يكون مصيرُها مثل مصير تلك الضفدعة البلهاء المغرورة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!