-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ضم الأراضي بين فلسطين وأوكرانيا

ضم الأراضي بين فلسطين وأوكرانيا

لا يتوقف الإعلامُ الغربي عن اعتبار ضم روسيا لأجزاء من الأراضي الأوكرانية منافيا للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة، ويبررون انطلاقا من ذلك ما يقومون به من مدٍّ مستمر للأوكرانيين بالمال والسلاح لتحرير أراضيهم. في الوقت ذاته يعتبرون مجرد محاولة المقاومة في فلسطين استعادة جزءٍ من أراضيها المسلوبة “عمليات إرهابية” ينبغي قمعُها بقوة السلاح، وبدل دعم أصحاب الأرض المسلوبة، يدعمون عسكريا وإعلاميا المغتصِب لهذه الأراضي ويزيدون فوق ذلك الوقوف إلى جانبه في عدم تطبيق مئات اللوائح والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بهذا الشأن. والأمرُ ذاته يتعلق على الأراضي السورية المحتلة في الجولان؛ فالكيان الصهيوني غزاها في حرب 1967، ثم ضمَّها قسرا، ثم اعتبرها في حكم الأمر الواقع بالقانون. وبرغم أن مرتفعات الجولان هي جزءٌ لا يتجزأ من الأراضي السورية وتقع تحت سيادتها، لم نلاحظ أي وقوف للغرب مع مبدأ عودة الأرض المغتصَبة إلى أصحابها، بل نجده لا يتوقف عن تبرير ضمِّها من قبل الكيان الصهيوني وتقديم التبريرات تلوى الأخرى أن احتلالها ضروريٌّ لأمنه القومي. وفوق ذلك يدعم هذا الكيان بالمال والسلاح للاستمرار في التفوُّق العسكري على سوريا والعدوان عليها في كل مرة من دون أي ردع أو حتى تنديد.
تعتبر هذه الازدواجية في التعامل والكيل بمكيالين في مسألة ضم الأراضي سببا رئيسا في عدم اقتناع معظم الرأي العالمي بإدانة روسيا، وامتناع دولتين كبيرتين (الصين والهند) عن التصويت لصالح مشروع قرار أمريكي يدين نتيجة استفتاء ضم جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك ومقاطعتي خيرسون وزاباروجيا للاتحاد الروسي، رغم أنهما كانتا في السابق تحت سلطة موسكو (بما في ذلك أوكرانيا كلها) قبل تفكيك الاتحاد السوفياتي.. وهو الأمرُ المختلف تماما عن واقع الأراضي الفلسطينية باعتبار أن الكيان الإسرائيلي القائم بعملية الضم لم يكن موجودا أصلا عندما كانت هناك فلسطين، والأراضي التي اغتصبتها العصاباتُ الصهيونية من الفلسطينيين قبل سنة 1948 عن طريق الإرهاب والتقتيل والمجازر الجماعية لم تكن قط جزءا من الكيان الذي أنشئ فيما بعد من العدم، ناهيك عن الأراضي السورية التي مازالت تحت الاحتلال والمصرية التي تم تحريرُها في حرب 1973، واللبنانية التي لولا المقاومة لاستمرت إلى اليوم محتلة، ولولا بقاء هذه المقاومة اليوم لقامت القواتُ الصهيونية بغزوها من دون أي تردد.
هذا الموقفُ المفضوح للغرب من احتلال الأراضي الفلسطينية ووصفُ المقاومة المشروعة لاستعادة أراضيها بـ”الإرهاب”، هو الذي يُضعف اليوم حجَّة الغربيين في اعتبار القرار الروسي بضم أقاليم كانت أجزاء منه بأنه لاغ وغير قانوني وينبغي عدم الاعتراف به، ومن المشروع استخدام القوة العسكرية ضده، ولعل ازدواجية الموقف هذه في العلاقات الدولية الممارَسة من قبل الغرب على الفلسطينيين هي التي تترك العالم غير منحاز لأطروحاته، مناديا بضرورة إقامة نظام دولي عادل تزول من خلاله ازدواجية المعايير ويعود فيه لأصحاب الحق حقهم في أي نقطة من نطاق العالم. وقد كان هذا مطلبَ حركة عدم الانحياز والقمم العربية منذ منتصف القرن الماضي، من دون أن يجد صدى لدى الغربيين. وتبعا لذلك، عليهم اليوم أن يجنوا ما زرعوه.. فقط هم على علم بأن التعامل مع روسيا في كل الحالات ليس هو ذاته التعامل مع العرب وبقية العالم المستضعَف الذي لطالما أهانه واحتلّ أراضيه هذا الغربُ الزاعم اليوم الدفاع عن حرية الشعوب وحقوقها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!