-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

طب… بذيل

عمار يزلي
  • 1500
  • 0
طب… بذيل

قلت لرئيس ديواني ، وأنا وزير للصحة: أنا متعب اليوم، والدواء نتاع أطباء بلادكم لم ينفعني، وعلي أن أحضر اجتماعا مع الأطباء المعارضين للسياسة المنتهجة مع الطب والأطباء! قبل أن يستفحل الوضع. لقد ترك الوزير السابق قنابل كيميائية قابلة للتحلل في أي وقت.

قالت لي السكرتيرة وهي تنبهني وأنا أخرج من المكتب الوزاري: الحاج..عندك! السربيتة راها خارجة موراك من تحت السروال!. استدرت لأرى فعلا المنشفة التي وضعتها أمس قبل أن أنام أسفل ظهري مضمخة بالخل وسكين جبير (الزنجبيل)، وقد خرجت من تحت الحزامة من الخلف “كملاء مذيل” على رأي إمرئ القيس!!. دخلت الحمام لأعدل وضعي الوزاري وأنا أتألم من ألم أسفل العمود الفقري بسبب طول الجلوس في المكتب، ثم خرجت وأنا أقول لها: صافا هكذا راني مليح؟..ماراهاش تبان الكعالة نتاع الذيب؟..قال لي وهي تبتسم تحت أنفسها: لا لا.. راك شباب بلا كعالة!

خرجت لأصل إلى قاعة الاجتماعات مع إطارات المستشفيات ونقابة الأطباء الأخصائيين وكانون في حدود 30 طبيبا. وبدأ الاجتماع بكلمة عن ضرورة الاعتماد على الأعشاب والحشائش ضاربا لهم مثلا  (.. ونسي خلقه!) عن صديق مرض بألم في العمود الفقري فلم تشفه أدوية الطب بكل أنواعها إلى أن شوفي من طرف عجوز شمطاء بالخل ووزيت الزيتون وسكين جبير!

شعرت أني أحرجتهم، وقد تعمدت ذلك حتى يعرفون قيمتهم، لأنهم حاسبين أرواحهم ما كانش فوقهم حتى الله! يعتقدون أنهم هم من يحيي ويميت، وأنا أردت أن أقول لهم: أن الناس تتعافى عندنا بفضل الله ودعاء الوالدين فقط! وأن علينا ألا نعتمد على الطب ولا عليكم، ونعتمد فقط على الأعشاب وتراب المرابطين والزيارة والحروز، لأنها أنجع ولا تكلف خزينة الدولة الملايير من الدولارات كل ميزانية!

في هذا الوقت، شعر الحاضرون أنهم فهموا أني أهاجمهم ضمينا، فتدخل الأول ببضع كلمات ثم الثاني ثم الرابع وثم العاشر وكأنهم تعمدوا الرد علي باللغة العربية حتى ممن لا يتقناها (بمن فيهم …أنا)..ردود لم أفهم معناها .. ولو أني فهمت أنهم فهموا.. وأنا الذي لم أفهم!

قال الأول وهو يبتسم وينظر إلى زملائه بالعين اليسرى: كلام السيد الوزيز يتخلله، خلل. فمن خلال ما تخلل، يتخيل لي أن الخيال واسع وأن المخيال مخول له أن ينتج الخلل.

رد عليه الثاني بالعين اليمنى: يقول الزيات الذي درس في “الزيتونة” أن الكلام إذا “زات” عند خله، انقلب إلى ضده!. فيأخذ الكلمة طبيب آخر راح يمص الملح بين شفتيه قبل أن ينطق: هكذا كلام مليح! مليح بزاف! الملاحة تبدو في وجه السيد الوزير وفي قفاه!.

شعرت بالمعاني وبالضحك الخفي الذي كان يحدث هنا وهناك في القاعة، وزاد ذلك من توتير النفسي خاصة بعد أن بدأت أسمع الحاضرين يتعمدون استنشاق شيء غير معروف بشكل مسموع بواسطة الأنف: أنفففففف! أنففففف! ثم ينطق آخر: إن الخيار الوحيد هو خيارت التخلاط. يبدو لي أنه يجب أن نخلط الأمور لتصفى! فلا خيار الآن غير هذا الخيار! نطق آخر وقال: لا تنسوا أن نطمطم على المستقبل (يقصد أن نطمئن.. فلقد كان قبائليا.. ولا يعرف العربية على الإطلاق)..الطماطم على المستقبل ولابد أن نكون “باصلين”.. البصالة تجيب النتيجة مع السلاطة..آآه.. السلطة…!

هنا فهمت أنهم “يشرون” علي.. فقطعت الاجتماع بعد أن جاءني المستشار وهمس في أذني: القاعة راها كلها ريحة السلاطة : خل وزيت زيتون وسكين جبير..!

عندها خرجت مغاضبا مقاطعا الاجتماع وأعلن في الصحافة أن الوزارة قد استمعت بإمعان إلى انشغال العاملين بقطاع الصحة وقد وعدت بحل جميع مشاكل العاملين فيها لصالح صحة وطنية فعالة.

واستيقظت من نومي وكل من في البيت يعطس ويكح: كنت أنا من فعل هذا ليلة ألأمس مع ظهري! أصلي أننا كلنا في البيت نعاني من مشاكل “المظاهرات”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!