الجزائر
يذبحه الأجداد.. يرمى ريشه في الحقول ويباع حسب جماله

طقوس غريبة لذبح الديك الرومي في “يناير” بالبويرة

فاطمة عكوش
  • 7373
  • 24
ح.م

مع اقتراب الاحتفال برأس السنة الأمازيغية الجديدة، عرفت خلال هذه الأيام مبيعات الدواجن، خاصة الدجاج “البلدي” ما يسمى محليا “أيازيظ أوحشاذ”، إقبالا كبيرا في الأسواق الشعبية بالبويرة وبالطرقات المؤدية إلى المداشر، حيث يعرض فيها السكان دواجنهم؛ ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في الأثمان بلغ ببعض المناطق 2000 دج لديك يزن قرابة 4 كلغ.
فبقرى مشدالة على سبيل المثال، تقوم النساء بإعداد طبق كسكس يسقى من مرق مكون من اللحم وسبع خضر أو أكثر، يضعن فيه نواة تمرة، يعتقدن أن من يجد هذه النواة أثناء الأكل سيكون سعيدا ويعتبر المحظوظ والمبارك فيه خلال السنة، ومن الأقوال المأثورة أيضا عند سكان هذه القبائل أن من لم يشبع من الطعام في ليلة رأس السنة، فإن الجوع سيطارده طيلة تلك السنة، ومن جملة هذه المعتقدات كذلك أنه إذا أمطرت السماء في تلك الليلة أو في اليوم الأول من السنة الجديدة، فإن الأمطار ستنزل بغزارة خلال هذه السنة وسيكون الموسم الفلاحي جيدا وتكون المحاصيل الزراعية مهمة.
أما العائلات بقرى ومداشر تاغزوت فتولي أهمية بالغة لحلول السنة الأمازيغية الجديدة إذ يتم الاحتفال برأس السنة بشكل كبير على غرار باقي الأعياد الدينية ويتم خلالها تبادل الزيارات والتباريك والتهاني بين أفراد العائلة التي يتجمع أغلبها في جو احتفالي يبدأ الإعداد له بأسبوع تقريبا، وتفضل النساء إعداد وجبة عشاء مميزة تتمثل في طبق الكسكسي أو البركوكس الذي يفتل ويصنع يدويا من دقيق الشعير وأحيانا من القمح ويحضر بلحم الدجاج البلدي، وتقوم النساء بصنع كميات كبيرة من الفطائر (المسمن والبغرير).

“أيازيظ أحشاذ” لا يباع بالميزان بل يحدد سعره وفقا لجماله ولونه!

وتفضل الكثير من العائلات بقرى ومداشر البويرة تربية الديوك البرية الحمراء منها والسوداء وبعضها لونه أبيض مخطط بالسواد، لكن ليس بالأعداد الكبيرة لأن تكاثرها طبيعيا وتقليديا ليس كتربية الدجاج الأبيض، وتذبح مثل هذه الديوك للمرأة النفساء، وأثناء حفر الأساس لبناء المنزل، وعند دخول المنزل الجديد، أما الأسود منه فيستعمل كقربان “أسفل” حسب العادات والتقاليد درءا للتشاؤم، وتتميز بلحمها الأحمر اللذيذ جدا، فهي أحسن بكثير من الدجاج الحديث، لأن الديك البري يقتات في الحقول من مواد طبيعية، ولهذا فلحمه ألذ من الدجاج الأبيض الذي يربى بمواد كيمائية تسمنه في أسرع وقت، بينما الديك البري ينمو نموا طبيعيا ويكدح كثيرا للحصول على قوته، الشيء الذي يجعل لحمه صلبا.

كبار السن يتكفلون بذبح ديوك يناير

ويتم في غالبية البيوت طهي الكسكسي” بالدجاج ليلة 12 يناير، ويفضل سكان القبائل ذبح الديك أمام عتبة البيت، ويعزفون عن شرائه مذبوحا، وتقوم النساء بعد ذبح الديكة برمي ريشها في الحقول ويرددن هذه العبارة: “أيها العام الجديد منحناك الريش فلتمنحنا العيش”، وهو تعبير عن رجائهن تحقيق وفرة في الإنتاج، خاصة الزيتون الذي يعتبر مصدر رزق مئات العائلات.
ومن عادة القرى والمداشر، أن يتطوع الجد أو كبير السن بذبح الديك الذي يحضر به عشاء يناير، كما أن هذا الأخير يكلف حتى بذبح ديوك الجيران احتراما له، ويتم الذبح بحضور النساء اللواتي يحملن الماء والصابون لغسل منقار الديك ورجليه قبل الذبح، والشيخ “الذباح” يغسل يديه أيضا قبل الذبح وبعده طبعا، وبعد الانتهاء من العملية تحمل كل امرأة ديكها إلى بيتها ليريش، وعادة بعد أن يتم طبخه مع الكسكسي تبادر الجدة أو أي امرأة مسنة بتقسيمه على أفراد العائلة مع الاحتفاظ بشيء منه للطوارئ، لأنه قد يزورهم عابر سبيل غريب ولا يمكن للعائلة أن تقدم له الكسكسي بمرق الدجاج دون لحم، وبخاصة إذا كان الطقس باردا جدا، وعابر السبيل لدى العائلات القروية له مكانته أيضا في اعتقاد العائلات، ربما سخره الله امتحانا لهم، ومنهم من يتنازل عن نصيبه حتى يتمتع الضيف الغريب، والعائلة السعيدة من جاءها ضيف وهم لم يتناولوا عشاءهم بعد، ففي هذه الحالة يتناول الضيف مع رب العائلة العشاء أولا ثم باقي أفراد العائلة.

موازاة مع احتفال مماثل ببلدية سيدي امحمّد
“أقليذ” للاحتفال بيناير في بلدية الجزائر الوسطى

تحتفل بلدية الجزائر الوسطى هذا الجمعة ببداية السنة الأمازيغية الجديدة 2969 من خلال استعراض فني تاريخي يوم الجمعة يحمل عنوان “أقليذ” الملوك العظماء.
ويتخلل هذه الاحتفالات عروض فلكلورية ولوحات فنية وورشات حية للصناعات والحرف التقليدية.
وتمتد الاحتفالات من الساعة التاسعة صباحا إلى غاية السابعة ليلا من شارع ديدوش مراد إلى ساحة البريد المركزي ويبدأ عرض “أقليذ” على الساعة الثالثة والنصف بعد الزوال، يشارك فيه 20 ممثلا يجسدون دور الملوك والزعماء الأمازيغ بالإضافة إلى 16 راقصا محترفا و5 فرق فلكلورية.
وبدورها نظمت بلدية سيدي امحمد حفلا بقاعة سينما إفريقيا تجسيدا منها لمقاربة حماية الموروث الأمازيغي وتثمينه وترقيته لا سيما مع ترسيم اللغة الأمازيغية لغة وطنية، ويحضر الحفل شخصيات وطنية ووزراء وولاة.

مقالات ذات صلة