-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ظاهرة الآباء الصغار تعود إلى الواجهة

نسيبة علال
  • 1988
  • 0
ظاهرة الآباء الصغار تعود إلى الواجهة

تحتاج ممارسة الأبوة أو الأمومة إلى تمتع كلا الطرفين بحس المسؤولية والقدرة على تربية وإعالة الأطفال، رغم صغر السن. ومع أن هذه العوامل نادرا ما تتوفر في شباب اليوم كاملة، إلا بعد سن الثلاثين، إلا أنها تشهد انتشارا واسعا للزواج والإنجاب المبكر، في المجتمعات العربية، كما هي الحال في الغربية.

حدث أن الأجيال السابقة كانت ترغب في تكوين أسرة في سن مبكرة جدا، حتى منذ 18 سنة بالنسبة إلى الرجال. أما الفتيات، فبلوغهن يعتبر مرحلة مناسبة للتفكير في الزواج وإنجاب أطفال. أخذت هذه العقلية تتلاشى رويدا، كنتيجة للانفتاح على العالم، ورغبة النساء في التحرر والاستقلالية المالية، بالموازاة مع الظروف الاقتصادية الصعبة، التي وضعت فئات واسعة من الشباب في خانة البطالة والفقر، وفي ظل أزمات السكن والتوظيف، قلت ظاهرة الأبوة المبكرة، وأصبحت الثلاثينيات والأربعينيات هي المرحلة المناسبة لتكوين أسرة، وتوفير حياة كريمة لها، بعد سنوات من الجد والكد، حتى بتنا ننظر إلى الآباء الصغار على أنهم متهورون ومغامرون.

آباء العشرينيات بين عيش مراهقتهم وشبابهم، وتربية أولادهم

اليوم، كأي وقت مضى، يصعب على الأولياء تسليم أبنائهم صغارا إلى مسؤولية الحياة الزوجية، لعلمهم بأنها مضنية، وأن الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم لا ترحم. مع هذا، فالاعتراف بقدرات بعضهم على النجاح في هذه المهمة واجب، لتبقى تلك الأفكار التقليدية التي حكمت جيلين سابقين على الأقل، تحوم حول الآباء الصغار، أصحاب العشرين وما إليها. تقول سماح، 57 سنة، والدة رمزي، صاحب 23 سنة: “أصبحت جدة لأجمل توأم عمرهما شهران، ولا أزال لم أتقبل أن ابني الصغير الذي كان يلعب بالقرب مني بالأمس القريب أصبح أبا.. يراودني خوف أحيانا، أن يكبر ويندم على صغره الذي يقضيه منهمكا في العمل لإنجاح أسرته”. على النقيض من أفكار سماح، تفتخر السيدة لطيفة بأبنائها الثلاثة، الذين حرصت على تزويجهم قبل سن 25، تقول “إن جل سعادتها تكمن في رؤيتهم يسافرون رفقة صغارهم، ويلعبون معهم، يكبرون بأفكار مشتركة، ويكونون ذواتهم ويبنون مستقبلا بأفكار ووجهات نظر متقاربة”.

على هذا الأساس، تؤكد الأخصائية النفسية، الأستاذة نادية جوادي، على أن الفارق بين الشاب وابنه غير مهم، بقدر ما يكون الآباء الصغار قادرين فعلا على تحمل هذه المسؤولية، ومستعدين للنضج مبكرا من أجل أطفالهم، وقدرتهم على أن يكونوا آباء صارمين وأصدقاء مرنين في الوقت ذاته.

التوافق الفكري والاجتماعي يخلق جيلا قويا

منذ نحو عشرية من الزمن، اختلفت المفاهيم مجددا، وصار من دلائل الحب والوفاء، الزواج بعد الجامعة مباشرة. ظهرت فئة جديدة أيضا، لا هي تشبه التي اعتدناها في أجدادنا وآبائنا، ولا تتطابق معاييرها مع الواقع الصعب، روج لها أكثر بعض المؤثرين الذين رسموا صورة وردية لامعة عن الحياة الزوجية المشتركة بصعابها وحلوها ومرها وتحدياتها، على مواقع التواصل الاجتماعي. فبدأنا نلاحظ مجددا آباء في العشرين وأمهات ما دون ذلك أيضا، يضحون بالكثير من الوقت معا وبالجهد وبأوقات الفراغ، حتى يتمكنوا من تأجير منزل جميل، وشراء ألعاب وملابس أنيقة.. مفهوم عصري عن الأسرة المثالية، صار يفرض نفسه الآن. من الجانب الآخر، خبراء يدرسون خلفياته ونتائجه على المجتمع. تقول الأستاذة مريم بركان: “المفارقة، أن هذه الفئة أقل انفصالا في إحصائيات المحاكم الجزائرية. عادة يجمعها الحب. ونجاح الزواج والأبوة في هذه المرحلة، بات مرتبطا بنوعية الزواج، والتوافق الفكري والتقارب في المستوى الثقافي والاجتماعي والعمر أيضا، حتى الأطفال تكون أمامهم فرصة مشاركة آبائهم العديد من الأنشطة الحيوية والرحلات الممتعة، فيبنون ذكريات جميلة وقوية معا”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!