الرأي

ظهر الجزائر في خطر!

جمال لعلامي
  • 5120
  • 19

مصيبة بعض نخبتنا، أنهم يشكـّون في كلّ شيء، ولا يصدقون كلّ شيء، ويحاولون تسويد أيّ شيء، ويرون أيّ شيء صادر عن الجزائر خبط عشواء ولا يستحق التقدير والاهتمام، والأخطر من كلّ ذلك، أنهم لا يشكّون في أيّ شيء أجنبي، ويصدّقون كلّ شيء قادم من الغريب، ويبيّضون كلّ أسود مستورد!

مصيبتنا أن الشكّ والتشكيك، يكادان يتحوّلان إلى عملة لا بديل لها وسط سوق من المشككين والمحللين الافتراضيين وضاربي “خط الرمل” ممّن يتنبّأون ويقرأون الفنجان بطريقة خاطئة ويراقبون حركة السحب، متناسين أن الله وحده علاّم الغيوب وخالق السموات والأرض!

المصيبة التي تـُفرمل جهودنا ومحاولاتنا، هي إصرار بعض النخبة، على تتفيه وتسفيه كلّ قرار قادم من الجزائر، دون الوقوف عند الشكل والمضمون، ودون التعمق في ما هو كائن من دسائس وما ينبغي أن يكون من تعاط مع المؤامرات الظاهرة والمخفية!

المصيبة أن هناك وسط النخبة من يكفر بأيّ شيء لا يصدر عنه، وللأسف بينها من لا يفرّق بين “السلطة” و”الدولة”، ولا يتأخر عن تصفية حساباته مع هذه السلطة، رغم أن الأمر يعني مصير الدولة، وهي لا تتوانى أيضا في ضرب أركان الدولة وأمنها واستقرارها تحت غطاء “معارضة” السلطة!

نعم، ليس كلّ ما يُعرف يُقال، وأحيانا الصمت حكمة، لكن بعض الأطراف تتصيّد كلّ شاردة وواردة، وتسبح ضدّ التيار، دون أن ترتدي ملابس السباحة، وقبل أن تتلقى دروسا في قواعد الغطس!

إن ما يجري في الساحة الدولية والإقليمية، من تطورات ومتغيرات، أسال لعاب منظرين، وأثار شهية فلاسفة، يحللون بما يرون وبما لا يعرفون، وهو ما ساهم في تغليط الرأي العام وتضليله، في كثير من التحليلات والتوقعات، المبنية على التخمين والتأويل والتهويل والعويل!

الحاصل منذ أشهر، في منطقة الساحل، والمنتظر حصوله خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لا يستدعي الثرثرة و”الهدرة”، وإنما يتطلب رؤية إستراتيجية ونظرة معمقة ومصلحية، حتى لا تتحوّل القضية إلى”لعبة دومينو”، الغالب فيها سيضطر المغلوب إلى الانتحار!

حتى وإن وُجدت أخطاء وخطايا وسقطات، فهناك من الملفات الخطيرة والمُدرجة في خانة “سرّي للغاية”، ما يستدعي المزيد من الحيطة والحذر، والوعي أيضا، حتى لا تتحوّل عمليات تفريخ محللين إلى صناعة إشهارية، يتسلى بها الصيادون في المياه العكرة، والباحثون عن “الڤمل في راس الفرطاس” بكلّ بلادة وحُمق!

إن موقف الجزائر من التطورات المثيرة والخطيرة في الساحل، كان ومازال مبنيا على تنبؤات وتحليلات ومعلومات، من المفيد أن تظل السند والإسناد في تموقع الجزائر التي اعترفت وشهدت دول غربية، بأنه يستحيل أن يحدث أيّ تدخل عسكري قسري في مالي “دون موافقة” الجزائر.

لا ينبغي أن ينظر البعض إلى المواقف الجزائرية، بنظرة انتقامية ودونية وسوداوية، انطلاقا من حسابات انتقامية وشخصية ضيقة، فالأمر ها هنا ليس للصراع أو النزاع أو التسييس، وإنـّما هو لتجنـّب المخاطر وتقويض الضغوط والمقايضات التي أصبحت تكتيكا محوريا ضمن استراتيجية “الحرب العالمية الثالثة” التي انطلقت في صمت.. أفلا تيقن هؤلاء بأن ظهر الجزائر في خطر!

مقالات ذات صلة