-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تنكيت وتبادل لأرقام الهواتف وغياب التأثّر

ظواهر “مُؤسفة” في تشييع الجنائز..

نادية سليماني
  • 4161
  • 0
ظواهر “مُؤسفة” في تشييع الجنائز..
أرشيف

فقدت كثير من مراسم تشييع الجنائز والدفن بالمقابر، هيبتها وقدسيتها، بعدما تحولت إلى أماكن للتلاقي، وتبادل الأحاديث والتنكيت والتهكم والضحك، غير بعيد عن قبر مفتوح يوضع فيه ميّتهم، وهم غير مُبالين، متناسين مصيبة الموت والوقوف على القبور، التي لم تعد واعظا لبعض الناس.
وإذا كان البعض يلتمس العذر لأهل المتوفيين، الذين حولوا جنائزهم إلى أشبه بالأعراس، من خلال إعداد ما لذ وطاب من المأكولات والأطباق، بحجة أن نواياهم غالبا تتمثل في إخراج صدقة عن الميت.
ولكن العادات والتقاليد والشريعة السلامية، وحتى المواقف الإنسانية، لا تقبل فئة من الناس تمشي في الجنائز وتتوجه للمقابر للمشاركة في عملية الدّفن، وهم يضحكون ويتبادلون أرقام الهواتف دون الشعور برهبة المنظر ولا الخوف من الموت ولا حرمة الميت.
وزيادة على أن كثيرا من مواكب الجنائز، لا يلتزم بعض المشاركين فيها بقواعد السير، متسببين أحيانا في حوادث مرور وتعطيل حركة بقية المُركّبات.
وفي هذا الصدد، قال إمام مسجد القدس بحيدرة، الشيخ جلول قسول، إن أعظم مصيبة هي الموت، ولا يوجد أعظم منها فاجعة، ففي الحديث الذي رواه الطبراني أنّ النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: “كفى بالموت واعظا”، وأي واعظ أبلغ من هذا الواعظ، وصدق من قال: “كلّ ابن أنثى وإن طالت سلامته.. يوما على آلة حدباء محمول.”
وتأسّف في تصريح لـ”الشروق”، لوجود بعض السلوكيات في تشييع الجنائز، التي مسّت رهبة الجنازة وقدسيتها، ومنها مثلا سد إحدى طرق الشارع أو الحي عند وفاة شخص يقطن فيه، ما يتسبب في توقف حركة المرور وتعطيل مصالح الناس.

مُشيّعون وكأنهم في سوق..!
وقال الشيخ حجيمي” في إحدى المرات، صادفت جنازة رئيس بلدية توفي، وكان حضور المواطنين قياسيا وكبيرا جدا لصلاة الجنازة، فصف كبير من الحافلات والسيارات كان يمتد بحوالي 2 كلم على جوانب الطريق”.
والغريب، بحسب ذات المتحدث، أن الأشخاص المشاركين في تشييع هذه الجنازة و”كأنّهم في سوق، يتبادلون أرقام الهواتف ويُحددون مواعيد الزيارات المتبادلة”، ويضيف موضحا أن فئة أخرى من الناس تتحجج بوجود جنازة قريب لها، فقط لتتغيّب عن العمل، و”قد لا يصلون لا على الجنازة ولا على غيرها” على حدّ قوله .
ويرى قسول، أن تنظيم الجنائز تحول من البساطة والعفوية والتآزر وإظهار مشاعر الحزن لفراق المتوفى، إلى التكلف والتصنع، والتسابق المحموم نحو التباهي والتظاهر.
وأكد الشيخ جلول حجيمي، أن لتشييع الجنازة ضوابط لابد على المسلم التقيد بها، قائلا: “إن صلاة الجنازة من الكفائية، التي إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين، وإن تركوها جميعًا أثمُوا، وقد رغَّب الشرع فيها وعظَّم أجرها وجعلها من حقِّ المسلم على أخيه، وجعل لها آدابًا شرعيةً عامةً، ومنها التزام الخشوع والمبادرة والمسارعة إلى حملها للقبر، وألّا يُتَحَدَّثَ في تشييعها بأحاديث الدنيا”.

أجر عظيم لمن يُكمل إجراءات التشييع والعزاء
وأشار حجيمي، إلى أن الأمور الإجرائية في تشييع الجنازة وتلقي العزاء، فمنها انتظار الجنازة عند المقابر بحسب ظروف الناس وأعرافهم، ولا حرج فيها ما دامت لا تخالف الشرع الشريف، غير أنَّ الإنسان، بحسب المتحدث، كلما استكمل إجراءات التشييع والعزاء، كان أكثر ثوابًا وأعظم أجرًا.
وقال مضيفا: “وكذلك الحال في مكان الصلاة على الجنازة فصلاتها في المسجد أو غيره أمر جائز شرعًا، حسب عادات الناس واختياراتهم وأحوالهم”.
وأكد الإمام حجيمي، أن ما رآه في عدد من مناسبات العزاء، جعله يستغرب من التحولات التي حدثت في المجتمع الجزائري، الذي كان في سنوات خلت مثالا للتضامن على مستوى مشاعر الحزن والألم من القريب والبعيد، لكن يضيف: “حاليا انقلب الوضع رأسا على عقب، حيث لم يعد للحزن الحقيقي مكان في القلوب، وأصبح كثير من الناس يتكلمون في الجنازة في كلّ شيء إلا الموت.. !! بل تميل بعض الجنائز لأن تكون أفراحا لا مأتما، من كثرة بهرجتها”.
ويرى أمام مسجد القدس بحيدرة، أن القليل من باتوا يلتزمون بأحكام الجنائز كما وردت في السّنة المُطهرة وينبذون البدع ومحدثات الأمور.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!