الجزائر
طيف الوباء يقتل الناس صوريا ويستنفر المُوَسوَسين

عاصفة الإشاعات تجعل من كل إسهال كوليرا

سمير مخربش
  • 1396
  • 8
ح.م

يكاد يقتصر الحديث هذه الأيام عن داء الكوليرا وانتشاره الحقيقي والوهمي في كل مكان وسط إشاعات ومبالغات أمرضت الناس وقاتلتهم صوريا، فأصبحت كل حالة إسهال في خانة الكوليرا.

هو الوضع نفسه في كل ولايات الوطن والعينة نأخذها من ولاية سطيف التي أُطلق فيها العنان للإشاعات التي تتحدث في كل كرة عن تسجيل إصابات في مختلف البلديات، ويتم تداول ذلك عبر وسائط التواصل الاجتماعي وسط حيرة كبيرة ليتضح في نهاية المطاف أن الخبر لم يخرج عن إطار الإشاعة، كما كان الشأن بحي بوسكين بسطيف، أين تحدث البعض عن إصابة أكثر من 40 شخصا بالداء الملعون ليتضح في نهاية المطاف بأن الأمر يتعلق بتسمم جماعي أصاب بعض الأشخاص في عرس، وتلقى المصابون العلاج وعادوا سالمين غانمين.

وقد انطلقت عاصفة الإشاعات عبر مختلف البلديات، والتي بلغت درجة الحديث عن وفيات، كأن الأمر يتعلق بحملة منظمة زرعت الرعب وسط المواطنين، فكل من لاحظ بأن ابنه مصاب بإسهال يضع مباشرة احتمال الإصابة بداء الكوليرا نصب عينيه، وحسب العاملين بمصلحة الاستعجالات بالمستشفى الجامعي سعادنة عبد النور بسطيف فإن المصلحة تعيش الجحيم هذه الأيام لكثرة الوافدين من الآباء والأمهات والشيوخ والأطفال والعجائز ولا حديث لهؤلاء إلا عن الكوليرا التي تعني بالنسبة إليهم آلام الرأس والدوار والتقيؤ والإسهال، وكل وافد تجده في حالة ذعر ويصر على ضرورة البدء به في تلقي العلاج، باعتباره حالة كوليرا مستعجلة تستدعي التكفل السريع، الأمر الذي حوّل المصلحة إلى حلبة للشجار والضغط والفوضى.

من جهة أخرى سجل تراجعا في استهلاك فاكهة الدلاع التي أصبحت المتهم الثاني بعد الماء، فقل عليها الطلب وتكبّد أصاحبها خسائر معتبرة، خاصة أولائك الذين اعتادوا على عرض الفواكه على حافة الطريق، كما أصبحت العيون العمومية المنتشرة بسطيف محل شكوك، وينظر إليها البعض بعين الريبة والحذر خوفا من الوباء. وتشهد المخابر توافدا للمواطنين الراغبين في عرض مياه آبارهم للاختبار للتأكد من مدى صلاحيتها للشرب، مع العلم أن أغلبية سكان ولاية سطيف يعتمدون الآبار لتغطية النقص المسجل في مياه الشرب. الشكوك انتقلت كذلك إلى المطاعم خاصة الشعبية منها التي اشتهرت بمعاداتها للنظافة، والتي ركبت هذه الأيام الموجة، فيحاول أصحابها التظاهر بالحرص على صحة المستهلك ولو بسحر أعين الناس، وأما المقاهي فقد فتحت بلاتوهات لتحليل داء الكوليرا، واتضح أن كل مواطن يفهم في هذا الداء وله نظريات وآراء متعددة تجاوز بها فهم المختصين. والكلمة كانت أيضا لباعة الأعشاب الطبية الذين دخلوا على الخط وهم ينصحون بتناول الكمون للقضاء على الكوليرا وآخرون يدعون امتلاك خلطة خاصة بهذا الداء.

هذا هو حال بعض الجزائريين مع الكوليرا الحقيقية والوهمية فكل إسهال عندهم كوليرا والكل يتهم الكوليرا وهي مظلومة في معظم الحالات.

مقالات ذات صلة