الرأي

عام القايد

ح.م

كان الناس في المشارق والمغارب يؤرخون بأشياء أو حوادث تقع في هذا الزمان أو ذاك، وفي هذا المكان أو ذاك.. وإن أقرب ما يرد على أذهاننا نحن المسلمين هو ميلاد أشرف من قذفت به رحم وسعت به قدم، سيدنا محمد – عليه الصلاة والسلام- حيث نقرأ في سيرته العطرة أنه ولد في “عام الفيل”، وقد أدركت شخصيا الجيل الذي قبل جيلي في ناحيتنا يؤرخ بـ”عام البون”، حيث ابتلتهم فرنسا الكنود بنقص من الأنفس والأموال والثمرات التي أثرت بها أبناءها بسبب الحرب العالمية الثانية.

استسمح الجزائريين، أو من هم على ملّتي واعتقادي، في أن اقترح عليهم تاريخا جديدا يؤرخون به لمواليدهم ولحوادثهم، وأسمي هذا التاريخ “عام القايد”، وأقصد المجاهد أحمد قايد صالح، الذي حمد الله – عز وجل- جهاده، فقاده إلى عمل صالح أنهى به حياته..

لاشك في أن كثيرا من الجزائريين يختلفون مع “قايد صالح” بسبب أخطاء – خاصة أو عامة- ارتكبها، و”من كان بلا خطيئة فليرمها بحجر” كما قال سيدنا عيسى – عليه السلام- و”كل بني آدم خطاءون”، كما قال سيدنا محمد – عليه الصلاة والسلام- وخيرهم المعترف بذنبه، المستغفر له، ولاشك أيضا في أن كثيرا من الجزائريين يتفقون مع “قايد صالح”، وقد يتجاوز اتفاقهم معه إلى الإعجاب به ومحبته، فالأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها أيتلف، وما تناكر منها اختلف، وللناس فيما يعشقون، وفيمن يعشقون، مذاهب..

وسواء علينا جميعا اتفقنا مع “قايد صالح” أو اختلفنا معه، فيجب أن لا نبخسه حقه وفي عدة أشياء، وأن نحمده عليها، وهي:

* سرعة تفاعله مع “الحراك المبارك”، وعدم توريط مؤسسة الجيش الوطني الشعبي في مواجهة هذا الحراك.
*إرغام بوتفليقة على اليأس من العهدة الخامسة كما يئس الكفار من أصحاب القبور.
* مرافقة المؤسسة العسكرية للحراك الشعبي، والإصرار على عدم إراقة دم جزائري، ولم يسمح لمشاعره الخاصة أن تدفعه لـ”تأديب” المندسين في الحراك، واستعمالهم عبارات مسيئة له شخصيا، وللمؤسسة العسكرية عموما..
* إدراكه لدور فرنسا المشبوه والكائد للجزائر عبر خدّامها وعملاها من أصحاب “وطنية الجهاز الهضمي” كما يقول المناضل فرحات عباس فراغ عليهم باليمين، ونرجو ممّن يخلفه أن يكون “خلفا له لا خلفا”.
* كشف “هاما نيّيّ بوتفليقة (رئيسا حكومة، وعدة وزراء، وولاة، وضباط.. ومستشار “لا يسأل عما يفعل”) وتفعيل العدالة ضدهم، وسجن بعضهم؟؟
* كشف “إخوان الشياطين” ممّن سرقوا مال الأمة، وبذروه، وهرّبوه.. وكانوا علة الجزائر…
* إصراره على الخروج من الحالة الشاذة التي كانت فيها البلاد، وذلك بإجراء انتخابات رئاسية رغم ما لبعض المخلصين من تحفظات على توقيتها.

فرحمك الله أيها “المجاهد”، وهو اللقب الذي ستواجه به الله – عز وجل-، وعوّض الجزائر مثلك، وأخذ بيد “خلفائك” إلى الاقتداء بك في الأخير إلى الأرض والوطن.

مقالات ذات صلة