عانس البرّ في رحلة لاصطياد عريس البحر
بمجرد حلول فصل الصيف، وخاصة مع الارتفاع الكبير لدرجة الحرارة، الذي شهدته مختلف ولايات الوطن، اختار مستعملو الشبكة العنكبوتية، وخاصة الفايسبوكيون منهم على اعتبار أن الفايس بوك أول موقع للتواصل الاجتماعي عبر العالم، أن يغيّروا الوجهة من شاشات الحواسيب والهواتف الذكية، إلى شواطئ البحر والنسيم العليل، محملين حقائبهم بآمال كبيرة وأحلام أكبر في تحقيق بعض الغايات المشروعة، معتبرين صيف 2015، سيكون بمثابة صيف الأحلام، بعدما عاشوا طيلة الفصول الثلاث الماضية أحلاما ناعمة بوعود وردية خلال ليال الشتاء الطوال.
العانسات خاصة أو من فاتهن قطار الزواج، قررن اللحاق به الكترونيا، ولما لا ركوب العربة الأولى منه، مادام كل شيء في وقتنا الراهن مربوط بتطور التكنولوجيا والعلاقات الإلكترونية، فكما طغى الطابع الرقمي المادي على حياتنا العلمية والعملية، صبغ أيضا أحاسيسنا ومشاعرنا، وبات كل شيء في حياتنا رقمي، العلاقات الوهمية التي عاشها مئات الشباب عبر موقع التواصل الاجتماعي قررت الخروج من شاشات الحواسيب فكانت المواعيد على شاطئ البحر، كل من الشاب أو الشابة حاملا معه فكرة العودة لبيته بزوج صالح أو عروس حسناء، ولما لا تكون فاتنة تملك من الجمال والأخلاق ما يغنيه عن نساء العالم، إلاّ أن الواقع صدم أغلبهم إن لم نجزم بأنه صدمهم جميعا، فالفتاة التي كانت تضع صورة بنت تركية محجبة جميلة على حسابها الشخصي بالفايس بوك، والتي كانت دائما ما تقوم بنشر تعليقات مؤدبة ودبلوماسية عبر جدارها، وأيضا تلك الأنثى الراقية التي كانت عادة ما تنشر مواضيع ثقافية، وتعلق بلغات أجنبية ما كانت سوى شخصية وهمية تصطنعها للفايس بوك، فتموت تلك الشخصية بمجرد غلقها لحسابها، فيصطدم الشاب بكذبة الفايسبوك أو سمكة الفايسبوك، فلا شيء من ذلك موجود على أرض الواقع سوى رقم الهاتف، فيعود هو لبيته بقرار اعتزاله للفايس بوك نهائيا، وتعيد هي رمي صنارتها علها تصيب مرة أخرى دون ملل أو كلل، لكنها هاته المرة عادت للأصل وهو الفضيلة، واختارت الصيد على المباشر علها تمسك بعريس البحر، فجل العلاقات التي كانت توصف بالمثالية والناجحة عبر شاشات الحواسيب كانت مجرد علاقات افتراضية تنتهي صلاحيتها بانتهاء الأنترنت، ولم تتعد حتى لوحة المفاتيح، فكل من تعلّق بالشاشة، بصورة شخص وهمي، وشعارات ومبادئ وهمية، اصطدم بالواقع المر البعيد كل البعد عن الحقيقة، وما كان ليفيق من هذا سوى أن يغطس داخل مياه المتوسط، عله ينسى أو يستفيق من أوهامه التي كتبها، مثلها وأخرجها عشاق الفايسبوك.