عبارات بيان قصر الإيليزي تلغم طريق الذاكرة

كان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من بين المهنئين في الذكرى الستين لاستقلال الجزائر، تهنئة كانت منتظرة، لكنها لم تخل مما من شأنه أن يعكر صفو هذا الاحتفال ومن ورائه العلاقات الثنائية، بالشوائب السامة لمخلفات الحقبة الاستعمارية.

وجه ماكرون رسالة إلى الرئيس عبد المجيد تبّون هنّأه فيها بمرور 60 عاماً على الاستقلال، واستغل الفرصة ليعبر له عن رغبته في “تعزيز العلاقات القوية أساسا” بين البلدين، وفق ما جاء في بيان عممه قصر الإليزيه مساء الإثنين.
وقالت الرئاسة الفرنسية إن “الذكرى الستّين لاستقلال الجزائر، تشكّل فرصة لرئيس الجمهورية لكي يرسل إلى الرئيس تبّون رسالة يعبّر فيها عن تمنياته للشعب الجزائري، ويبدي أمله بمواصلة تعزيز العلاقات القوية أصلا بين فرنسا والجزائر”.

وتحدث بين قصر الإيليزي عن “تأكيده مجدّدا التزامه مواصلة عملية الاعتراف بالحقيقة والمصالحة لذاكرتي الشعبين الجزائري والفرنسي”، وهو المشروع الذي يبقى متعثرا في نظر الطرف الجزائري، الذي ينظر إلى الخطوات التي أقدم عليها ماكرون إلى حد الآن، على أنها رمزية ولا ترقى إلى مستوى التطلعات الجزائرية، التي لا تقل عن سقف الاعتذار عن جرائم الماضي الاستعماري.

وإن كانت تهنئة ماكرون منتظرة ولاسيما في مثل هذا الموعد المحوري، إلا أن بعض العبارات التي تضمنها البيان، والتي تعتبر استرضاء لبعض الأطراف التي تعتبر في نظر الجزائريين من مخلفات حقبة الاحتلال المظلمة، من شأنه أن تؤثر على وتيرة الرقي بالعلاقات الثنائية، كما يأمل الطرفان.

اختيار الرئاسة الفرنسية هذا الموعد لوضع إكليل من الزهور على “النُصب التذكاري الوطني لحرب الجزائر والمعارك في المغرب وتونس” في رصيف برانلي في باريس إحياءً لذكرى “الأوروبيين” أو “الأقدام السوداء”، الذين قتلوا في وهران، كما يقول قصر الإيليزي، يخفي اعترافا لجهات تتهمها الجزائر بممارسة سياسة الأرض المحروقة بعد وقف إطلاق النار، في 19 مارس 1962.

ويؤكد مؤرخون فرنسيون ومعهم حكومات بلادهم المتعاقبة، بأن منظمة الجيش السري الإرهابية OAS))، مشكلة من غلاة “الكولون” الذين رفضوا إفلات الجزائر من قبضتهم، وهم الذين قتلوا الآلاف من الجزائريين والفرنسيين، باعتراف قادة هذه المنظمة الإرهابية، الذين أدينوا بأحكام قضائية وصلت حتى المؤبد في فرنسا.