الرأي

عبثٌ في قطاع التّربية!

رشيد ولد بوسيافة
  • 2658
  • 11

قراراتٌ غريبة تصدر عن وزارة التربية الوطنية هذه الأيام؛ على غرار استمرار الدراسة إلى غاية 30 جوان، مما يؤكد أن القائمين على الوزارة لا علاقة لهم بحقيقة الأوضاع في المدارس خلال الأيام الأخيرة من العام الدراسي.
وفي الوقت الذي لم تقدّم الوزارة المبررات التربوية لهذا القرار الذي يُلزم المؤسسات التربوية بمواصلة التدريس إلى ما بعد رمضان، على عكس ما كان يحدث خلال السنوات الماضية، فإن الوزارة تدخلت كذلك في عمل مديري المؤسسات التربوية وألزمتهم بتاريخ موحد لامتحانات الفصل الثالث، ويتحوّل بذلك مدير المؤسسة التربوية إلى مجرد ساعي بريد يبلِّغ قرارات الوزارة في أبسط القضايا ويسهر على تطبيقها!
الوزارة تتحدث على ضرورة استكمال البرنامج الدّراسي، وهذا أمرٌ منطقي، لكنها تتجاهل الفوارق الموجودة بين المؤسسات التربوية، من حيث التقدم في تطبيق البرنامج الدراسي، على أساس أن البعض منها تأخر فعلا بسبب الإضرابات، وبعضها استكمل المقرر الدراسي بالفعل، نظرا للاستقرار وعدم دخولها في إضرابات، كما تتجاهل وزارة التربية الفوارق الموجودة بين المناطق الجغرافية وخاصة بين الشّمال والجنوب مثلا، فإلزام تلاميذ وأساتذة الجنوب بمواصلة الدراسة إلى غاية 30 جوان هو تعذيبٌ جسدي لهم، خاصة بتزامن رمضان مع موسم الحرارة.
ولم تكتف وزارة التربية الوطنية بهذه القرارات الفوقية الغريبة، بل هددت مئات مديري المؤسسات التربوية الذين لم يستجيبوا لرزنامة الامتحانات الموّحدة وقرّروا تواريخ تتناسب مع الظروف المحيطة بالمؤسسة.. هددتهم بعقوبات تصل إلى الإحالة إلى مجالس التأديب، فهل تجرؤ الوزارة فعلا على تنفيذ تهديداتها و”تأديب” الآلاف من المديرين الذين مارسوا صلاحياتهم وقرروا تنظيم الامتحانات بالشكل الذي يناسب الأساتذة والتلاميذ؟
عبثٌ غير مسبوق في وزارة التربية؛ فمن جهة تستفتي الوزيرة المترشحين للبكالوريا حول تاريخ تنظيمها وتطبّق ما يشيرون به، ومن جهة تفرض رزنامة موحدة لامتحانات الفصل الثالث، وتُشهر سيف الحجاج في وجه من يرفض التطبيق الحرفي لهذه الرزنامة!
ليس بهذه الطريقة يتحسن مستوى التلاميذ، وإصلاح أوضاع المدرسة لا تكون بعسكرتها من خلال تعليمات فوقية صارمة، والويل لمن خالفها أو تهاون في تطبيقها، وإنما يكون بتوفير الظروف الملائمة للعمل والإبداع، وفتح المجال واسعا أمام المبادرات الفردية والجماعية، وهو ما يحدث في الدول التي حققت تطورا مذهلا في مجال التعليم كفنلندا التي تخلت عن الامتحانات والمقررات الدراسية الجامعة وفتحت المجال أمام إبداع المدرسين والمشرفين على العملية التربوية.

مقالات ذات صلة