-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عبد الصمد والجراد!

عبد الصمد والجراد!
أرشيف
عبد الصمد ناصر

هناك أوبئة نفسية واجتماعية أشدّ فتكا من الأوبئة المرضية المعروفة في حياة الناس، وما يقترفه ذباب المخزن، في حق المغرب وليس في حق الجزائر، هو أوسخُ الميكروبات التي يمكن أن تصيب البشر، فإذا كان هناك التوّابون والخطّاءون في كل الأمم، ضمن طبيعة الإنسان، فإن ما يقذفه بعض المغاربة في الآونة الأخيرة من أحشائهم لا يمكن وصفه سوى بالعفن.

النماذج البشرية التي تطلّ على الناس، من دون توقف، حتى تخال بأن بعضهم يعيش أكثر من أربع وعشرين ساعة في اليوم، لم تعد تعلك الشأن الجزائري، وتبتلعه، وتجترّه مرة أخرى فقط، بل صارت تخترع أشياء من نسج الخيال، وتُعيّش -على وزن “عيّاشة”- أبناء المملكة وخاصة عبيدها على الوهم، لعدة أيام، ضمن ما يشبه البلاتوهات الوهمية والتحليلات التافهة، وأحيانا تجيّش هؤلاء العبيد كما حدث مع صحافي مغربي، تم تسريحه من الخدمة مع قناة “الجزيرة”، ضمن حركة مهنية وإدارية عادية، تحدّث في كل بلاد العالم، ولكن عبيد القصر رأوها من نسج ما أسموه “اللوبي الجزائري” وعجنوها بالتاريخ والثقافة والسياسة والأحقاد، حتى حوّلوها إلى قضية، أنست العبيد قيودهم والمدمنين أفيونهم والديوثين نساءهم.

إذا كان غالبية الجزائريين، حتى لا نقول جميعهم، لم يسمعوا في حياتهم باسم رجل يدعى “عبد الصمد ناصر”، وهو الصحفي المعني بالتسريح أو الطرد من قناة “الجزيرة”، فإن من عرفوه شكلا، لا أحد علم بجنسيته، ولكن الذباب الذي لا عمل لديه في الحياة غير الأزيز، راح يقدِّم أسماء جزائرية في قلب قناة “الجزيرة” لا يعرفها أحد، ويتهمها بالتآمر على هذا الرجل المجهول أصلا، مثل الوباء الذي يقتحم البيوت الآمنة، ويضرب خبط عشواء، بحثا عن العدوى والجائحة.

قرأنا منذ أيام في صحيفة خليجية نقلا عن صحيفة مغربية، اتهاما غريبا من المغرب للجزائر، مفاده بأن السلطات الجزائرية عندما هاجم الجرادُ بعض الحقول في الجنوب الغربي للبلاد، قامت بتحويله إلى الحقول المغربية في الجهة الأخرى، فتكبدت الفلاحة المغربية خسائر فادحة، وتساءل صاحب المقال، وهو بالمناسبة مختصٌّ مغربي في الفلاحة، عن سبب تحويل الجزائريين فائض المياه التي ملأت سدودها الشرقية إلى أودية ومجاري تونس، بينما لم تصل إلى المغرب قطرة من الغيث الذي تهاطل بغزارة على الجهة الغربية للجزائر وخاصة على جنوبها الغربي؟ وقارن طبعا بين الغيث المحوَّل إلى الشرق والجراد المحوَّل إلى الغرب.

نعلم جميعا بأن مصير الميكروبات، حتى ولو تمكنت من إيذاء الناس بعض الوقت، هو الفناء، ونعلم بأن التهريج لا يمكن أن يتحول إلى جدّ، وبأن الافتراضي لن يدخل عالم الواقع، ومع ذلك فإن التجنُّد للرد على هؤلاء، سيبيّن وبسهولة الفارق في المستوى، لأن ما يأتينا من بلاد المغرب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لا يمكن أن نجد أهزل وأقبح منه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!