جواهر
آخر تقليعات "سوق" الزواج في الجزائر..

عرائس بالجملة لعرسان تحت الطلب!

سمية سعادة
  • 10710
  • 44
ح.م

مع حلول فصل الصيف من كلّ عام، يعود الحديث عن الأعراس في الجزائر، هذه المناسبات التي أصبحت تقلُّ شيئا فشيئا بسبب غلاء المعيشة وعدم قدرة كثير من الشباب الجزائري على الزواج، أو على “فتح بيت” كما درج المجتمع الجزائري عادة على تسمية الزواج.

ومن تبعات هذه الظروف الاجتماعية الصعبة أن تفاقمت نسب العنوسة لدى النساء، حتى وإن لم تكن هناك تقارير أو دراسات اجتماعية رسمية تتناول بالأرقام هذه الظاهرة، لكنّ الواقع يُثبتها بشكل يدعو إلى القلق ودق ناقوس الخطر بشكل جديّ.

شرٌّ لا بد منه

قبل أن تأخذ كثيرٌ من المظاهر طريقها إلى الانتشار في أوساط العائلات الجزائرية، كان ممنوعا على الأخوات أن يعرضن أنفسهن كمجموعة على من يطرق أبواب العائلة للخطبة، ولكن اليوم صارت هذه الظاهرة لا تلقى الاستهجان لدى الجزائريين، وأصبح من الطبيعي أن يُرافق الأخوات الفتاة التي يقصدها الخاطب إلى غرفة الضيوف لعلّ إحداهنّ تلقى نصيبها، وقد يحدث وأن تُغيّر الخاطبة رأيها وتُعجب بأخت الفتاة المخطوبة أو العروس هكذا فجأة، وهذا ما يجعل أسرة العروس في حرج كبير، لكن كثيرا من العائلات لا يعبأن بالأمر، فالمهمُّ عندهنّ أن “يتخلّصن” من عازبة تُثقل كاهل الأسرة في عيشها ومعيشتها، إضافة إلى القلق الذي تسببه لوالديها ولإخوتها وأخواتها وهي تتقدّم في السن دون أن تنال حظّها من الزواج..

في هذا الصدد تقول مريم: “أذكر أنّه عندما دخلت على أم العريس يوم الخطبة، نظرت إليّ طويلا ثم قالت لأمي: أليس عندك فتاة أخرى؟ فاستشاطت أمي غضبا وقالت لها: بناتي لسن بضاعة تختارين منها ما شئت”، ولكن اليوم وبعد أن تأخرت أخواتي في الزواج، لم تعد أمي تمانع في دخولهن جميعا على الخاطبات.

ثلاثة دفعة واحدة

أكبرهن تبلغ من العمر 28 سنة وأصغرهن تبلغ 18 سنة، ولكن الأب فضل أن يعرضهن جميعا على العريس ليخلو الجو للوالد ويتزوج بعد وفاة زوجته، وبعدما وقع الاختيار على الفتاة الكبرى التي نالت إعجاب العريس، انتهج الوالد الأسلوب نفسه مع الفتاتين المتبقيتين لتحظى الفتاة الأخيرة بعريس لوحدها ولعلها كانت الأوفر حظا، لأنّ العريس لم يجد مع من يُقارنها.

بنات العمومة لعريس واحد

غالبا ما تتفق العائلات التي تعتبر العنوسة مشكلة حقيقية وقوية على تزويج بناتها من أبناء الأعمال والأخوال، وهي حملة ذات منفعة عامة ترمي إلى تجفيف ينابيع العنوسة، غير أن بعض الاعتبارات تحول دون إتمام هذه الصفقات البينية كعدم الشعور بالانجذاب نحو الطرف الآخر، خاصة أبناء العائلات الذين كبروا وترعرعوا في بيت واحد، إذ يشقُّ على أحد الطرفين أن يتزوج من الشخص الذي يحمل له مشاعر الأخوة، ولكن الاشتراك في مصير واحد يحتم على هذه العائلات أن تترفع عن الأنانية إذا تقدم عريس للعائلة، فالمصلحة العامة أولا وقبل كل شيء مثل ما أقدمت عليه ثلاث عائلات تتقاسم بيتا واحدا عرضت كلّ بناتها على عريس واحد وسط خوف خفيّ من إقصاء الأخريات..

الاصطياد في الماء العكر          

لا شك أنّ الخوف من الوقوع في شراك العنوسة أصبح يستدعي كلّ الأساليب المنطقية وغير المنطقية وراء حجة الثورة على المعتقدات البالية التي جمّدت الزواج في قوالب جاهزة ومنعته من التحرك باتجاه التغيُّر والتطور، وهي أساليب تبدو مشروعة للعائلات التي تأخرت بناتها في الزواج، غير أنّها لا تبدو مشروعة للعرسان وأهاليهم، لأنّها لا تتمُّ إلا تحت مظلة الانتهازية والاصطياد في الماء العكر بعدما صار الحصول على عريس من أعز الطلبات في “سوق” الزواج الجزائري..

مقالات ذات صلة