جواهر

عصر الشريك السيليكوني والرّضيع الإلكتروني

أماني أريس
  • 4581
  • 19
ح.م

تروي جداتنا أسطورة شعبية عن اِمرأة يتيمة، تعيش تحت وطأة الظلم والقهر من طرف زوجها وأهله؛ فقامت في أحد الأيام بصنع تمثال من الطّين، وأطلقت عليه اِسم “يمّا طينة”. وأصبحت كلّما اِشتدّ بها الحزن. تتردد عليه خلسة، وتشكو إليه همومها، والغريب في القصّة أن ذلك التمثال الطيني رقّ لحالها وأصبح يتجاوب معها.

من كان يظنّ أنّ أساطيرا من نسج الخيال، ستصبح في زمن ما واقعا يعيشه الإنسان، بعدما استطاع تحويل كل ما يحتاجه إلى سلع تُروّج في الأسواق والأماكن العامّة. لسنا نقصد بطبيعة الحال ما اِخترعه من أغراض وأجهزة وماكينات بتقنيات جدّ متطوّرة يسّرت عليه الحياة، واختزلت عليه الجهد والوقت، إنّما نقصد تلك الكائنات اللّاروحية التي باتت تمنحه الحُبّ والحنان، والأنس، والشعور بالفحولة والأنوثة والأمومة!

فبعد خبر “حائط الحنان” في لندن والذي يلجأ إليه المحروم والحزين فتمتد إليه الأيادي النّاعمة وتغمره بالأحضان، وتربِت على كتفيه بكلّ لطف، نزل علينا خبر الرضيع الإلكتروني الذي اِبتكرته شركة يابانية؛ بهدف إشباع غريزة الأمومة لدى ملايين النساء اللواتي لم ينجبن لأسباب اِقتصادية أو اِجتماعية أو صحية.

وثالثة الأثافي هي الدمية السيليكونية الصينية التي شغلت العقول، وسلبت القلوب، بمواصفات جارية حسناء مطواعة لا تخون، تكلّم وتُؤنِس صاحبها حسب ما يقوله المروّجون.

 من جهة أخرى تنبّئ الفتوحات العلمية التي توصل إليها فريق من الباحثين في جامعة نيوكس البريطانية، بإمكانية اِستغناء المرأة عن الرجل في إنجابها مستقبلا، وهي مؤشرات مرعبة تجعلنا نقف مليّا لنتساءل عن مصير العلاقة الطبيعية بين المرأة والرجل.

منذ عصر الكهف إلى عصر غزو الفضاء، الحبّ والأمومة والعطاء؛ هي ثالوث المرأة المقدس، هذه المشاعر الغريزية في الأنثى هي أصل كلّ الصفات الانسانية في البشر وأيّ حديث عن حاجات الإنسان العاطفية من حبّ وحنان وأُنس ودعم، مصدرها الأول هو الأنثى بكل أدوارها.

فماذا يتبقى من إنسانيتنا عندما تسلّع هذه المشاعر وتنتهي هذه الأدوار، أو تحوّل مصبّها نحو الشريك السيليكوني والرضيع الإلكتروني

مقالات ذات صلة