الرأي

عطل وهبل!

جمال لعلامي
  • 836
  • 3

راعني كثيرا مطلب أو مقترح رفعته “اللجنة الوطنية للمربية والمرأة العاملة في قطاع التربية”، حيث طالبت بتمديد عطلة الأمومة، والاستفادة من “ساعات الرضاعة”، علما أن عطلة الأمومة حاليا تقدر بثلاثة أشهر، عدّا ونقدا، فكل يُراد لها أن ترتفع؟
بعملية حسابية بسيطة، حتى وإن كانت “جايحة”، فإن المعنية بالأمر، ستستفيد من 3 أشهر، زائد شهر كعطلة للشتاء والربيع، زائد عطلة الصيف التي لا تنقص عن شهرين، إضافة إلى عطلة الخريف القصيرة، وغيرها من العطل المتفرقة، المرضية منها وغيرها، أي أن الموظفة في قطاع التربية ستستفيد من نحو 6 أشهر كعطلة “قانونية” إذا جمعت أيضا عطلة الأمومة طبعا!
6 أشهر عطلة، أي لن يبقى من أشهر السنة سوى 6 أشهر أخرى، وإذا تمّ نتف العطل الدينية والوطنية، قد نخسر تقريبا نصف شهر آخر، أي أن القطاع لن يجني من المستفيدات قانونا، سوى ما قوامه خمسة أشهر ونصف فقط، من العمل، ناهيك عن “التفياس” والهروب المبكر، والتغيّب المبرّر وغير المبرّر، وتضييع الوقت خلال الباقي المتبقي من بقايا ساعات العمل!
نعم، هذا هو النموذج النافع، حتى نبني البلاد ونشيّد “المظلومة التغبوية”، ونجعلها مثالا يُحتذى به في مختلف الإدارات والقطاعات الاقتصادية وتلك التي تأكل ولا تـُنتج، أو تأكل الغلة وتسبّ الملـّة!
بهذه العطل الدائمة والمستمرة والمتجدّدة، سيصبح التلميذ رجل المستقبل، مهندسا وطبيبا وقاضيا ومحاميا وصحفيا وسياسيا ومستثمرا وأستاذا، وغيرها من المهن، التي اعتقد أن مهنة التعليم هي القاعدة والأساس ومضرب كلّ الأمثال، وليس مفتاح للهبال!
ظاهرة العطل و”الهبل”، للأمانة لا يخصّ فقط وحصريا قطاع التربية المغبون، وإنما يتعلق بأكثر من قطاع، ولذلك غرق الاقتصاد وذهبت الأخلاق فذهبت الأمة، وتوسّع “البريكولاج” وعمّ “الصابوطاج”، وباسم “السوسيال” أصبح البعض، ولا نقول الكلّ، بارعا في سرقة الوقت والسطو على جُهد الآخرين والاستفادة من تعب المجتهدين والمثابرين!
العطلة دون شك، هي حقّ قانوني في كل بلدان العالم، ومذنب هو من يُعادي الحقّ في العطلة، أو يمنعها عن من يستحقها، لكن لنعترف جميعا، بأن شرائح واسعة حوّلت هذه العطل، إلى حقّ يُراد به باطل، من أجل الهروب والتخلي عن المسؤوليات، والمبرّر جاهز: “كلّ عطلة فيها خير”!.
سبق نشره

مقالات ذات صلة