الرأي

“عفستها” يا عفاسي!

رشيد ولد بوسيافة
  • 3280
  • 11
ح.م

“التطبيع ليس مصطلحا شرعيا بل هو مصطلحٌ سياسي مطاط غير منضبط، أما الصلح فهو من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، في حال الضعف كما فعل في صلح الحديبية مع المشركين حتى فتح مكة”… بهذه الكلمات الانهزامية حاول الشيخ الكويتي مشاري العفاسي التبرير لهرولة دول عربية كانت تقدم نفسها حامية للإسلام والسُّنة لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني والتحالف معه ضد الحقوق الفلسطينية والعربية والإسلامية في القدس الشريف!
غريبٌ أن تصدر هذه الكلمات الموغلة في العمالة والاستكانة للمحتلين، من رجل لا نعرف عنه شيئا سوى أنه قارئ للقرآن، دخل البيوت بكلام الله، عبر فضائية أطلق عليها اسمه، ولا يُسمَع فيها صوتٌ غير صوته، يرتّل القرآن أحيانا، ويبتهل أحيانا، وينشد أحيانا أخرى، عبر كليبات تشبه إلى حد بعيد كليبّات نجمات الغناء والطرب، وليته أكمل في هذا الطريق الجميل في ظاهره، ولم يُقحم نفسه في قضايا كبرى لا يستوعبها عقله مثل قضية الصراع العربي الصهيوني.
العفاسي هو واحد من النخبة الدينية الجديدة في العالم العربي التي تم تحضيرها لمثل هذا اليوم؛ فالرجل يتابعه أكثر من 14 مليون شخص على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، و18 مليون شخص على موقع فيسبوك، كلهم يقرؤون ترّهاته عن “الصلح مع الصهاينة” مقحما السيرة النبوية في تبرير العمالة والتحالف مع الصهاينة ضد الفلسطينيين.
وليس العفاسي وحده من يشغل الناس هذه الأيام، فقد سبقه عدد من “نجوم التقوى” الذين ينافسون نجوم الغناء والتمثيل وعلى رأسهم عمرو خالد الذي خص متابعي صفحته العام الماضي بدعاء خاص أمام الكعبة المشرفة، وبشرهم قبل أيام بـ”دجاج الجنة” الذي يتّفق مع القيم الإسلامية، وفي واحدة من أقبح صور إقحام المسائل الروحية في قضايا “البزنس” روّج شيخٌ سعودي يسمى الكلباني، ويقال إنه إمام الحرم المكي سابقا لماركة مياه معدنية “veen” وقال في حسابه على تويتر “إنها من أطيب الصدقات ويعظم أجرُها”!
لقد تغيَّرت الأوضاع في العالم العربي وظهرت نخبة دينية أغرقت الناس في سفاسف الأمور، وبات بعض المتدينين على رأس الحربة في التصدي لكل أشكال المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني لأولى القبلتين وثالث الحرمين، وتحوَّل هؤلاء بقدرة قادر إلى سوط يجلد المقاومين الفلسطينيين، يتهمونهم بالمغامرة والتهور وإقحام الفلسطينيين في مواجهة غير متكافئة.

مقالات ذات صلة