-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عقدة “لحم”

الشروق أونلاين
  • 2427
  • 0
عقدة “لحم”

أصبح يقينا الآن أن الجزائري سيظل يعاني من عقدة “اللحم” إلى الأبد بعد أن فشلت كل السياسات من دون استثناء من إنقاذه من هاته “العقدة المزمنة” والتي صارت أشبه بالوباء الخبيث الذي يزداد استفحالا من يوم لآخر.. فإذا كانت البورصات العالمية تتقاذفها أسعار النفط والذهب يمينا وشمالا، فإن الجزائري مازالت “بورصة اللحوم بكل أنواعها” تدفعه نحو الأسفل.

  •   
  • لقد قيل منذ سنوات أن أسعار اللحوم في الجزائر هي الأغلى في العالم، ووزير سابق في حكومة سابقة هو الذي اعترف بهذه “الحقيقة”، ولكن الإعتراف إذا لم يكن متبوعا بالحلول من المسؤولين يصبح خطيئة في حق الرعية التي تم تستطع مثل بقية شعوب العالم أن تزوّد بدنها بالفيتامينات والبروتينات الضرورية.
  • إختصاصيو المناخ يقولون أن أقرب البلدان شبها للجزائر في طقسها هي الأرجنتين والبرازيل.. ومع ذلك هاته الدول هي التي تنقذنا في رمضان بالأطنان من لحومها المجمدة لترقص “طنجرة” الصائمين، حتى لا نقول لتنقذنا من خيبة وإحباط رمضاني في غياب اللحم الذي كان ومازال وسيبقى من الكماليات بالنسبة للجزائري.
  • لا أحد يفهم لماذا يأكل الفرد الهولندي سنويا ستة وثمانين كيلوغراما من اللحم، ويأكل الفرد النمساوي سنويا ثمانية وتسعين كيلوغراما من اللحم، ولا يصل معدل تناول الفرد الجزائري سنويا العشرة كيلوغرامات رغم أن مساحة هولندا لا تزيد عن الأربعين ألف كيلومترا، ومساحة النمسا لا تزيد عن الثمانين كيلومترا، وهي مساحة مجتمعة لا تنافس مساحة المراعي الجزائرية الخضراء، ولا أحد يفهم لماذا يأكل المجريون والتشيكيون والنمساويون السمك إلى حد التخمة، ويحرم منه الجزائريون رغم أن هاته الدول مغلقة لا تطل على البحر، وتنام الجزائر وتمدد قدميها على ساحل يبلغ طوله الألف كيلومتر، ولا أحد يفهم لماذا تشبع كل الدول المتوسطية من اللحوم البيضاء وتحلّق أسعار الدجاج عندنا أعلى من النسور.. لتتكرر المشكلة وتزداد تعقيدا مع إطلالة هلال رمضان، حيث ينسى الناس همومهم ويغرقون في “طنجرة” اللحوم التي لا يقترب من مملكتها إلا الأثرياء في هذا البلد الثري جدا ببتروله ومائه ومراعيه، والفقير جدا بالحلول الفعلية التي تنسي الناس هموم “الطنجرة”.
  • هل يمكن أن نطمح للحاق بالدول الكبرى في ميادين التصنيع والتكنولوجيا ونحن نعجز عن تحقيق جزء من الاكتفاء الذاتي في الغذاء؟.. وهل يمكن أن نطمح لحياة التكافل والتضامن التي جعلنا لها جمعيات ووزارات ونحن نجعل من خير الشهور وسيلة لاصطياد الضعفاء ولذبح بعضنا معنويا واجتماعيا كما نصطاد الأسماك ونذبح الماشية والدجاج ونقدمها للمواطنين مثل لهيب جهنم.
  • كنا نتمنى أن تكون عقدتنا “التكنولوجيا” للبحث عن وسائل للحاق بالدول المتقدمة ولكنها انحصرت في مواد غذائية أهمها اللحوم التي صارت مثل هلال رمضان يترقبها الناس مرة في السنة ولكنها مثل الحج لمن استطاع إليه سبيلا.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!