الرأي

عقدتان في إستراتيجية جو بايدن

أرشيف

جدّد الرئيس جو بايدن حقيقة لا تقبل الجدل، أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تمتلك سياسة ثابتة تجاه الشرق الأوسط، وما تشهده سياستها من متغيرات في عهودها المتعاقبة يجسد مزاجية متقلبة يخضع الرئيس الحاكم للبيت الأبيض لمؤثراتها في رسم سياسته المفتقرة لأي بعد إستراتيجي متوازن.

جو بايدن في حيرة من أمره، هكذا تتحدث أنباء التقارير الواردة من واشنطن ونيويورك، فهو يبحث عن توازن جديد في العلاقات الأمريكية مع دول الشرق الأوسط، توازن بين رفضها وقبولها بما يتلاءم مع نهج سياسي مرحلي له أبعاد اقتصادية وأمنية تقترن بعهدته الرئاسية الزمنية.

الملف النووي الإيراني عقدة في سياسة جو بايدن تدور في حلقة مفرغة، لم تستقر عند نقطة محددة، ورغبة لم يخفها في اختيار طريق دبلوماسي طويل، يؤدي إلى مفاوضات شاقة، تقابلها إيران بوتيرة سريعة من أجل فرض شروطها، وفك قيود الحصار الاقتصادي المفروض عليها.

سياسة بلا وجهة واضحة، لم يكمل جو بايدن رسمها، فهو مقيد بخلفيات سياسة سبقته، لا يقوى على التحرر من تبعاتها، ولا يرغب في قرارة نفسه التواصل معها، رغم إدراكه أن الملف النووي الإيراني ليس في يد أمريكا وحدها، وإرضاء الشركاء بالتنسيق معهم أمر واقع في صياغة موقف يسير على نهجه.

التلميح باستخدام القوة العسكرية، كخيار بديل لنهج دبلوماسي معقد، وارد في تصريح إعلامي أدلى به بايدن، لكنه غير وارد على مستوى الواقع، لما له من عواقب وخيمة على منطقة الشرق الأوسط، لا تحبذه دول الاتحاد الأوروبي قبل استنفاد خيار المفاوضات غير المتفق عليها.

ومازالت الخارجية الأمريكية تؤكد أن مسارها الدبلوماسي يضمن منع إيران من امتلاك سلاح نووي، لكن البنتاغون يعلن عن جاهزية قواعده المنتشرة في الشرق الأوسط ومياه الخليج العربي في الرد على أي تهديد إيراني يستهدف مصالحها أو سيادة دول الحلفاء .

الملف النووي الإيراني ليس وحده من وضع جو بايدن في حيرة من أمره، فسياسته التي لم يكمل صياغة قراراتها، تدفعه إلى إيجاد توازن يراه مفقودا في العلاقات الأمريكية – السعودية، وكأنها لا ترتقي إلى مستوى العلاقات الإستراتيجية بين البلدين.

إيقاف الدعم الأمريكي للسعودية في الحرب ضد ميليشيا الحوثي الذراع الإيراني الممتد في العاصمة اليمنية صنعاء، والمتجه نحو مضيق باب المندب للتحكم بالملاحة في البحر الأحمر والهيمنة على بحر العرب، قرار يرضي كبرياء جو بايدن رغم الإخلال بقواعد التحالف الإستراتيجي.

جو بايدن كان قد أعلن رغبته قبل دخوله البيت الأبيض في اعتماد نهج مغاير مع المملكة العربية السعودية، يضع حدودا للتقارب معها، ويفرض آلية لمراقبتها، دون التخلي عن أشكال التحالف معها، وكأنه يضع معادلة غاية في التعقيد تتلاءم مع حالة مزاجية لا يقرها منطق سياسي، أضحت نهجا غير قابل للتطبيق مع حليف إستراتيجي لا يمكن التخلي عنه.

مقالات ذات صلة