-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بين جيش التحرير الوطني والجيش الوطني الشعبي

عقيدة اجتماعية راسخة في خدمة الشعب الجزائري

بقلم: رضوان شافو
  • 265
  • 0
عقيدة اجتماعية راسخة في خدمة الشعب الجزائري

على خلاف السنوات السابقة، يأتي في هذه السنةالاحتفاء بالذكرى السابعة والستون لاندلاع الثورة التحريرية في ظروف استثنائية ميزتها التحولات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها الجزائر في ظل التحديات الاجتماعية التي يعيشها الشعب الجزائري، والتهديدات الأمنية الإقليمية والدولية والاستفزازات الإعلامية اللامسؤولة من طرف عدو الأمس فرنسا الاستعمارية ضد الذاكرة التاريخية الوطنية..

هذه التحولات التي أبانت عن المكانة اللائقة التي تستحقها الجزائر، التي نسجت خيوطها من خلال القرارات الثابتة والمواقف السيادية الناصرة للقضايا العادلة وخصوصا ما تعلق بتقرير مصير الشعوب التي فقدت حريتها بسبب الاستعمار الجديد أو الحروب بالوكالة، ولعل هذه المواقف السيادية نابعة من صميم الشعب الجزائري والجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني.

لهذا، جاء شعار ذكرى الاحتفاء بهذه المناسبة الوطنية “الأمجاد على خطى الأجداد”، لإبراز أن التضحية التي قدمها الشهداء والمجاهدون خلال المقاومات الشعبية والثورة التحريرية المباركة مازالت سارية المفعول عند الشعب والجيش الوطني الشعبي، وهما على العهد باقون، ولذلك، فمثلما حاولت فرنسا الاستعمارية خلال ثورة التحرير الوطني اختراقها بتفكيك الوحدة بين جيش التحرير الوطني والشعب، هاهي اليوم فرنسا تسعى من جديد لزعزعة استقرار الجزائر بضرب هذه الوحدة من جديد، لأنها تدرك تمام الإدراك أن قوة الجيش الوطني الشعبي في وحدته مع شعبه.

 والمتتبع لتاريخ الثورة سيتضح له أن هذه الوحدة كانت عقيدة اجتماعية راسخة لجيش التحرير الوطني خلال الثورة التحريرية المباركة مبنية على مبادئه النوفمبرية العشرة التي أقرها عشية اندلاع الثورة التحريرية، هذه العقيدة التي رافق بها الشعب الجزائري طيلة أيام الثورة المظفرة، إذ لم يكن بمقدور الثورة أن تواصل نشاطها وأن تحافظ على استمراريتها بمعزل عن الشعب، الذي كان هو مصدر تموينها وتجنيدها، كما لم يكن باستطاعتها وهي التي كان شعارها افتكاك سيادة الجزائر واسترداد كرامة الجزائريين أن تنطلق في نشاطها العسكري والسياسي متجاهلة أوضاع معظم الفئات الاجتماعية التي هي بأمس الحاجة إلى العون والمساعدة. لذلك، كانت القيادة الثورية تصرف منحا لعائلات المجاهدين والشهداء والفقراء.. وكان أفراد جيش التحرير الوطني يتنقلون بين الجبال والأرياف والبوادي، لتقديم الخدمات الصحية والإسعافات الطبية للأهالي الجزائريين، ومرافقة اللاجئين في التنقل إلى الحدود هربا من بطش القوات الفرنسية.

 كما أن المتأمل في مقاصد شعار هذه الذكرى “الأمجاد على خطى الأجداد”، يرى أن العقيدة الاجتماعية للجيش الوطني الشعبي التي تجلت معانيها في تضامنه مع الشعب الجزائري في مختلف الأزمات والكوارث الطبيعية التي عرفتها الجزائر منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، فإنه يجد هذه العقيدة بأنها امتداد تاريخي للعقيدة الاجتماعية لجيش التحرير الوطني التي تجلت في قسم اليمين من أجل سعادة وحماية الشعب الجزائري من خلال أول نداء لجيش التحرير الوطني، الذي صدر بالتزامن مع بيان أول نوفمبر 1954، جاء فيه ما يلي: “نعرف ما أنت قادر عليه، ولكن في البداية نريد أن ألفت انتباهكم إلى كيفية خدمة قوات التحرير التي من أجل سعادتك أقسمت اليمين على التضحية بكل شيء من أجلك”، وهي ذات الإشارة في افتتاحية جريدة المجاهد في عددها 110 الصادر في 11 ديسمبر 1960، التي جاء فيها كما يلي: “قليلة هي الجيوش التي خلقت في الكفاح من أول يوم ميلادها، وجيش التحرير الوطني الجزائري من هذه الجيوش التي خلقها الكفاح المرير، لقد فتح عينه على ضوء المعركة ولهيبها المقدس، وشب في وسطها وترعرع، وهو اليوم جيش تمرّست عضلاته على جميع الصعاب وأصبح قادرا على تحقيق المعجزات، ولكنه دائما جيش يرعاه الشعب مثلما يرعى هو الشعب”.

 وإذا ما أردنا أن نقف على ركائز العقيدة الاجتماعية لجيش التحرير الوطني وبالمقاربة عما يقوم به الجيش الوطني الشعبي من مرافقة اجتماعية للشعب الجزائري، فإن قرارات مؤتمر الصومام 1956 قد حددت ركيزتين أساسيتين، فالأولى منهما قامت بإنشاء المجالس الشعبية في القرى والمداشر والمشاتي، التي تنظر في القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والشؤون الإسلامية للمواطنين الجزائريين، وهذه المجالس الشعبية التي أنشئت كبديل للإدارة الاستعمارية الفرنسية كان من بين مهاما الاجتماعية محاربة الجهل من خلال خلق مستوى من التعليم وذلك بتعيين المعلمين في القرى والبوادي وتنظيم الأئمة في المساجد وإحياء تعاليم الدين الإسلامي، هذا بالإضافة إلى مراقبة الأسعار ونبذ الاحتكار، وتعيين من يتولى جلب السلع للقرى لتفادي شح المواد الغذائية بالسوق وأحيانا كانت تحجز سلعا لفائدة جيش التحرير الوطني متنوعة من الأغدية والألبسة والأغطية، وكذا الاستجابة لحاجيات ومطالب المدنيين، خاصة في ما تعلق بالفصل في الخصومات بين الشعب، وبناء على ذلك، أصبح أفراد الشعب الجزائري يعرضون جميع خصوماتهم وقضياهم على عناصر جيش التحرير الوطني للفصل فيها، وصار القضاء في هذه المرحلة أسلوبا من أساليب المقاومة، واستراتيجية حتميّة مضادة للاستعمار الفرنسي لكسب أفراد الشعب والتفافهم حول الثورة وحمايتهم من المخططات الاستعمارية.

أما الركيزة الثانية، فقد تمثلت في تأسيس منظمات جماهرية لدعم انتصارات جيش التحرير الوطني في الجبال والأرياف، وهذا من أجل كسر سياسة المحتشدات والمناطق المحرمة التي أرادات فرنسا الاستعمارية من خلالها عزل الشعب عن الثورة التحريرية مثل الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين، والاتحاد العام للعمال الجزائريين، والاتحاد العام للتجار الجزائريين.

ما يمكن قوله مما سلف ذكره أن جيش التحرير الوطني والجيش الوطني الشعبي أظهرا متانة الرابطة بين الشعب وجيشه، فجيش التحرير الوطني وطبقا لمبادئه النوفمبرية العشرة أبان عن عقيدته الاجتماعية لخدمة الشعب الجزائري وعدم التخلي عنه والوقوف معه أمام قساوة الحياة وبشاعة جرائم الاستعمار، وهاهو اليوم الجيش الوطني الشعبي يخطو خطى الأجداد ليكمل الرسالة وليصون أمانة الشهداء ويصنع صورا إنسانية في التعاون والتضامن مع الشعب الجزائري من خلال الوقوف معه في مختلف الأزمات والكوارث الطبيعة التي عرفتها الجزائر المستقلة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!