-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عمالة الأطفال والمراهقين.. طريق للانحراف أم وسيلة لتحمل المسؤولية 

نسيبة علال
  • 490
  • 2
عمالة الأطفال والمراهقين.. طريق للانحراف أم وسيلة لتحمل المسؤولية 
أرشيف

يعود الحديث عن عمالة الأطفال والمراهقين، شهر جوان من كل سنة، وتتحدث الجمعيات ووسائل الإعلام بملء حناجرها عن الانحراف والآثار السلبية للظاهرة، وخطرها على مستقبل هذه الفئة، بينما يهمل الجميع البحث عن الأسباب الرئيسة وراء دخول سوق العمل مبكرا جدا لدى البعض.

تسجل إحصائية عالمية أن هناك طفلا واحدا في سوق الشغل من ضمن 10 أطفال، فيما تتركز عمالة الأطفال والمراهقين بنسبة 71 بالمائة، في المجال الزراعي والصيد البحري والعمل في الغابات ورعي الماشية وتربية الأحياء المائية، بينما يعمل 17 بالمائة من الأطفال في القطاع الخدماتي، كغسيل السيارات.. و12 بالمائة في القطاع الصناعي والحرف، بما في ذلك التعدين.

لتعلم فنون التجارة والحرف أولياء يقحمون أبناءهم في العمل

يفضل الكثير من الأولياء أن يتعلم أبناؤهم حرفة تنفعهم في الكبر، إلى جانب دراستهم الأكاديمية. والبعض يفضل تعليمهم التجارة، لما تمنحهم من ثقة في النفس ودراية واسعة بالعلاقات الاجتماعية، منذ الصغر.. هذه الفئة من الأولياء هم عادة مهنيون، أو كما يطلق عليهم “أصحاب الصنعة”، بمعنى أنهم يحبون توريث الحرفة التي يتقنونها لأبنائهم، كي لا تندثر من العائلة، أو يقحمونهم في تجارتهم، على غرار عمي محمد البليدي، خياط، له باع طويل مع المهنة في مدينة الورود، أب لتسعة أطفال، يقول: “أعلت أسرتي من الخياطة، وأردت أن أعلم أبنائي الحرفة، حتى يقتاتوا منها وقت الشدة، ويتعلموا التعامل مع الناس، فأدخلتهم الورشة وهم أطفال في السادسة، ابنتي اليوم طبيبة مختصة وتتقن الخياطة والطرز، وأخرى مهندسة، ولها ورشتها الخاصة في بيتها، بينما يعمل أبنائي الذكور ثلاثتهم في ورشتي القديمة، بعد أن سلمتهم المشعل، لم يكن أمامهم متسع للانحراف، على العكس، ساعدهم العمل المبكر على معرفة قيمة المدرسة وأهمية الشهادة”.

الانحرافات نتيجة غياب المتابعة

صحيح أن الطفل يجب أن ينعم بأوقات فراغ للعب والنزهة والراحة، في حين، يكون مطالبا بالدراسة وتحسين مستواه العلمي والثقافي، لكن أخصائيين كثرا باتوا يحذرون في الآونة الأخيرة من أوقات الفراغ الكبيرة، التي يحظى بها هذا الجيل، ولا يشغلها إلا بمشاهدة التلفزيون أو استخدام الهاتف النقال وألعاب الفيديو، ما أضحى يعطي نتائج سلبية كثيرة من أمراض وانحرافات، وتسرب مدرسي، في غياب المتابعة الأسرية كذلك. هذا الأمر، استغلته مراكز تدريب وتكوين كثيرة كي تسوق لبعض الأنشطة الصغيرة، التي يمكن أن ينشغل بها الصغار في العطل وأوقات الفراغ، كالتكرير والرسكلة مثلا، حيث بات بإمكان أطفال ومراهقين، في سن 14 إلى 18 سنة، جني المال، من مصنوعات أيديهم.

يشير الخبير الاجتماعي، الأستاذ لزهر زين الدين، إلى أنه بقدر ما كان التنويه بخطورة عمالة الأطفال واستغلالهم في سوق الشغل، بقدر ما أصبح العالم الغربي اليوم يدعو إلى مرافقة الطفل والمراهق، جنبا إلى جنب، لتعلم الحرف والتدرب على العمل في الميدان، مع إعطائه مقابلا نظير مجهوداته المحددة، كي يتعلم النشاط والثقة في النفس، ويساهم مستقبلا في خدمة الاقتصاد، وصناعة جيل منتج.

العمل المبكر يعلم الاستقلالية والاعتماد على النفس

في هذا الصدد، تقول الأستاذة مريم بركان، أخصائية نفسية واجتماعية: “يجب الاعتراف بأن هناك أطفالا ومراهقين دون العشرين، لا يهتمون باللعب، ولا بما تقدمه الإنترنت اليوم، من مغريات، كالألعاب ومواقع التواصل والتعارف، ومنصات بث الأفلام والمسلسلات، وإنما كل همهم شغل وقتهم بما يمكن أن يدر عليهم المال، ومحاولة معاقبتهم أو إقناعهم بترك الأمر مضيعة للوقت”. أما عن الحلول المناسبة، فتقول الأخصائية: “ينبغي تلقين الطفل القيم والثوابت، وإطلاعه على العقاب في حال التمرد، مع الحرص الشديد على مراقبته، وتتبع مسار ما يجنيه من مال، من المصدر إلى غاية إنفاقه”.

بالموازاة مع رأي الخبراء، يثبت الواقع المعيش أن أغلبية الأطفال الذين خرجوا إلى سوق الشغل مبكرا، بحكم التعلم وتطوير الذات ورافقتهم مراقبة ومتابعة الأولياء في مجالات سهلة وممتعة، تمكنوا من النجاح على المستوى الدراسي أيضا، فيما اكتسبوا ثقة عالية بالنفس، وقدرة على تسيير العلاقات الاجتماعية، وأثبتوا مهارات عالية في القيادة وتحمل المسؤولية أيضا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • سعيد

    الإنحراف يأتي مع تناول المخدرات والكحول,

  • كمال

    كيف تحمل المسؤولية؟؟ياناس اطفال صغار،اعطو لكل سن حقه