-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أطفال السينما الجزائرية

عمر “دار سبيطار” و”عمر الصغير” معركة الجزائر.. أجسام صغيرة وأدوار كبيرة

فاروق كداش
  • 3624
  • 0
عمر “دار سبيطار” و”عمر الصغير” معركة الجزائر.. أجسام صغيرة وأدوار كبيرة

أجسام نحيلة وراء كاميرات كثيرة، تهمس بكلمات أكبر من سنها، تروي التاريخ، دون أن تعي أن هذا التاريخ سيخلدها بدوره.. عمر الصغير، في ملحمة السينما الثورية، أو عمر الطفل، الذي يبحث عن الخبز في ملحمة مصطفـى بديع.. شخصيتان لم ولن تمحـى من ذاكرة الجزائريين، ولكن من جسدها نسيت ذكراه، وانجرفت مع سيل الزمن. الشروق العربي، تذكر اسمين خالدين صغيرين في السينما الجزائرية.

في 26 فيفري من سنة 2010، توفي الممثل، محمد بن كاسين. وقد تمت مراسم الدفن في مقبرة القطار. قد لا يثير فيك هذا الخبر الكثير، غير أنه يعري واقع السينما في الجزائر.. فهذا الممثل الذي يعرفه الكثير، هو من جسد في طفولته وبعبقرية دور عمر الصغير، “بوتي عمر”، في الفيلم الأكثر شهرة عن حرب التحرير “معركة الجزائر”، للمخرج الإيطالي جيلو بونتي كورفو، الذي قدم هذه التحفة السينمائية للعالم، سنة 1966.

ومن منا لا يذكر مشهد الرسالة التي كان يقرؤها عمر الصغير على علي لابنوانت، الذي جسده الممثل الصغير ببراعة عجيبة.. وفي آخر مشاهد معركة الجزائر، بينما كان عمر الصغير يتوجس خيفة، لكن مع لمسة من الشجاعة التي لا يعرفها إلا كبار الممثلين، وهو بين علي لابوانت وحسيبة وياسف سعدي، ينتظر الاستشهاد.. قد تكون مشاهد هذا الممثل قصيرة، لكنها كانت محورية، في بناء قصة هذا الفيلم الأسطوري.

كان هذا الدور الوحيد الذي جسده الممثل، محمد بن كاسين، في حياته، ربما بعد هذه الرائعة، لم يرد لهذا الدور الرائع أن تشوبه شائبة، وأن يأتي مخرج آخر وحوار آخر يبعثر جماهيريته.. هكذا هم العظماء، لا يتركون الكثير، ولكن، يكفي أن يحفظ ما تركوه في ذاكرة الشعوب.

عمر دار سبيطار.. مذكرات طفل تائه

في قراءة أخرى، لدور آخر، مثل منعطفا كبيرا في تاريخ التلفزيون الجزائري، هي ثلاثية “دار سبيطار” و”الحريق” و”الانتحار”، الذي جسد فيه ممثل صغير دورا عملاقا، هي الموهبة التي اكتشفها المخرج مصطفـى بديع، لتقوم بدور عمر آخر، بتركيبة تشبه عمر الصغير، في فترة سابقة من فترات الاستعمار الفرنسي. “عمر يعطيك كية”.. هذه الجملة التي ترددها بهيستريا لالة عيني، وهي تصرخ في وجه ابنها عمر، وتوبخه وتقوده أحيانا إلى حافة الجنون، صارت من الكلاسيكيات الجزائرية. دور عمر، المشتت بين جدته وأخته وأمه الصارمة، لالة عيني، عمر ببطنه الخاوية دائما، الذي يبحث عن متنفس لحياته البائسة، جسده بحرفية عالية، دون روتوشات، الممثل عبد الرحمن لوطاسية… وكزميله في البراءة والبراعة، محمد بن كاسين، انتهى مشوار التمثيل كما بدأ، مثل حلم جميل. فقد اختار عبد الرحمن تغيير الأماكن. وبدل الوقوف أمام الكاميرا، اكتفى بالوقوف خلفها، ليصبح مصورا محترفا لدى التلفزيون العمومي.. مسيرة مهنية مميزة، لكنها طمست موهبته، وخلفت مرارة ما في نفسه… دور عمر في ثلاثية محمد ديب، أثنى عليه جميع النقاد. فبتوجيهات بديع ونص كنص ديب، جذب هذا الممثل تعاطف المشاهدين، وبقيت ملامح وجهه راسخة في الأذهان.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!