-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أسماء خالدة

عميد الأغنية البدوية خليفي أحمد.. صوت الصحراء في قلب المدينة

فاروق كداش
  • 1678
  • 0
عميد الأغنية البدوية خليفي أحمد.. صوت الصحراء في قلب المدينة

صوت نادر، قدم من الصحراء، موهبته بعدد ذرات رمل بسكرة الواحة الغناء، مطرب مخضرم عاش الحقب وتغنى بالحياة وناصر الثورة، وعاش مكرما ورحل مكرما.. اسم لا يختلف اثنان في قوته ومساحته، فأياياه أطاحت بآه يا ليل.. هو خليفي أحمد، عميد الأغنية البدوية الصحراوية.

اسمه الحقيقي، أحمد العباس بن عيسى، ولد عام 1921، بسيدي خالد، ولاية أولاد جلال، وترعرع في بيئة محافظة وتعلم القرآن من مشايخ سيدي خالد، بمسقط رأسه بسكرة، ومنذ صغره تعلم الأناشيد الدينية (مديح) من عمه الحاج بن يوسف، ومنه استوحى لقبه الشهير “خليفي”، نسبة إلى قبيلة أولاد بن خليفة، التي تسكن دائرة رأس الوادي ولاية برج بوعريريج.

بدأ الخليفي مسيرته الفنية ضمن فرقة الزاوية الرحمانية ببسكرة، حيث قام بأداء قصائد كبار ملحني المنطقة، مثل “قمر الليل” لعبد الله بن كريو من الأغواط، والشيخ سي بن يوسف من سيدي خالد، المشهور بقصائده الصوفية.

في العشرين من عمره، انتقل خليفي أحمد إلى قصر الشلالة، عند أخواله، فعمل نجارا بها نهارا، ومطربا ليلا.. وكان هذا عام 1945. وفي إحدى السهرات التي كانت يحييها، التقى السيد سليم من الإذاعة، الذي كان له الفضل في تقديمه للجمهور العريض، من خلال حصة الجيلالية، رفقة الأستاذ عبد الرحمان عزيز، في الفترة ما بين 1956 إلى غاية 1958.

ومن أشهر الأغاني التي غناها الفقيد، تلك التي تمدح الرسول- صلى الله عليه وسلم- “صلوا صلوا”، وصدح بأشهر قصائد الشيخ السماتي “يا غمري”، وواصل تألقه وحسن اختياره بتحفة بن قيطون “حيزية”، وأغان كثيرة أخرى، مثل “راني عليك نسال” و”حبك خير” و”سباب المرسم” و”منبعد نسيتك” و”مسعودة” و”من حقك يا اللايم” والرائعة “بنت الصحرا يا محلاها”.

نخلة في المدينة

“نخلة في قلب الجزائر العاصمة”، وصف للحالة التي يتركها صوت خليفي، حين سماعك قصائد عيسى بن علال، مثل “قلبي تفكر عربان رحالة”، أو “ابقى على خير يا وطني”.

في عام 1947، كلف المدير الفني لإذاعة الجزائر سفير بودلي، خليفي أحمد، بتوجيه الفرقة الموسيقية البدوية، قبل أن يبتكر في عام 1949 نوعًا جديدًا من الأغنية الصحراوية، الذي سيصبح سيدًا فيها بلا منازع لسنوات عديدة.

كما غنى عميد الأغنية البدوية للثورة الجزائرية المجيدة، رفقة شقيقه الأكبر، الذي كان يعزف على القيثارة، ضمن الفرقة الموسيقية لجبهة التحرير الوطني، أغانيه الثورية أكسبته صيتا وشهرة في كل من الجزائر والعالم العربي.

تغنى الراحل بكل المواضيع، غنى للحكمة والوطن والحب والمجتمع والخيانة والأمل، فحاز احترام الجمهور الجزائري والعربي.. فقد تحصل على الميدالية الذهبية في مهرجان دمشق للأغنية العربية، عن أغنيته “كلمني ونكلمك فتيلفون”، وهي من ألحان رابح درياسة، عام 1979، كما حاز العديد من الجوائز بعد هذا التكريم الكبير، في تونس وليبيا والمغرب.

تقديراً لموهبته، حصد الخليفي أحمد عدة جوائز في الجزائر، وتم تكريمه العديد من المرات، لكن أفضل جائزة نالها هي الحب الكبير الذي حظي به من الشعب الجزائري، العاشق للأغنية البدوية.. وقد حاول الكثير السير في درب هذا النوع الأصيل من التراث الأصيل، لكن لم ينافسه أحد فيه، لأنه كان للآياي كفضيلة للحوزي، والفرقاني للمالوف، والعنقى للشعبي.

اشتهرت الأغنية البدوية بمرافقة الناي لها، وكان رفيق خليفي أحمد القصاب “سعد”، لكن الفقيد لم يكتف بالناي والقصبة، بل أدخل تعديلات على هذا النوع الصعب من الغناء، من خلال مرافقته بجوق موسيقي في أكثر من لحن، بإدارة كبار المايسترو الجزائريين، على غرار شريف قرطبي وتيسير عقلة ومعطي بشير وعبد الله بن كريو.

بعد مسيرة سنوات في الغناء المحترم والراقي، رحل عنا خليفي أحمد، يوم 18 مارس 2012، عن عمر يناهز 91 سنة، ولم تفارقنا ابتسامته الجميلة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!