عندما تتوفر الإرادة السياسية تهزم اللوبيات!
لم يكن التراجع الذي تشهده أسعار بعض علامات السيارات المركبة في الجزائر، سوى انعكاس لإرادة سياسية تجسدت من خلال الإجراءات الجريئة، التي اتخذتها الحكومة عبر الجهة الوصية، ممثلة في وزارة الصناعة والمناجم مؤخرا.
وسُجّل تراجع كبير في سعر واحدة من أكبر العلامات الكورية مبيعا في الجزائر، ويتعلق الأمر بـ”كيا بيكانتو”، حيث انخفض سعرها بنحو خمسين مليون سنتيم، وهو مؤشر على انهيار محتمل في أسعار بقية العلامات الأخرى خلال الأيام القليلة المقبلة.
ويأتي هذا التراجع في أسعار السيارات، بعد أيام من إقدام وزارة الصناعة والمناجم، على نشر أسعار السيارات عند خروجها من المصنع، وهي الأرقام التي كشفت عن فوارق مخيفة في هوامش الربح التي اعتمدتها مصانع التركيب المحلية، أدت إلى انتشار موجة من الغضب العارم بين الجزائريين، الذين أحسوا بالظلم والابتزاز.
قرار وزارة الصناعة بالكشف عن أسعار السيارات عند خروجها من المصنع، بقي محل تساؤلات بشأن خلفياته، غير أن المعنيين بالقضية فهموا الرسالة خمسة على خمسة، بدليل الارتباك الذي بدا على ممثلي بعض العلامات، بعدما اتصلت بهم الصحافة لاستطلاع رأيهم في قرار الوزارة الوصية.
وقد تبين لاحقا أن خطوة وزارة الصناعة لم تكن سوى بداية لسلسلة من الإجراءات يجري تحضيرها للتعامل مع بعض الحاصلين على تراخيص التركيب محليا، ولعل ما يؤكد هذا هو تصريح وزير القطاع يوسف يوسفي، خلال زيارة العمل التي قادته إلى ولاية برج بوعريريج.
يوسفي، أكد أن ملف أسعار السيارات المركبة محليا يوجد قيد الدراسة، وتحدث عن غياب الشفافية لدى بعض الحاصلين على التراخيص، كما شدد على ضرورة حماية المواطن من جشع بعض المصنعين، الذي تجاوز كل الحدود، رغم الدعم الذي قدمته الحكومة لهم والامتيازات التي حصلوا عليها، وهي المزايا التي يجب أن تنعكس إيجابا على الأسعار.
ويتزامن كل هذا الجدل، مع انتشار حملة “خليها تصدي” عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وهي الحملة التي انتقدت بشدة غلاء أسعار السيارات المركبة محليا، والتي فاقت كل الحدود، كونها قريبة جدا من أسعار السيارات المنتجة في الخارج، وهو أمر غير مبرر من الناحية التجارية، كما يتنافى وأخلاق النزاهة.
وتؤكد الحكومة بأنها لا تحدد أسعار السيارات المركبة محليا، لكنها تبقى مؤهلة لمراقبة الأسعار المطبقة، خاصة أن دفاتر الشروط تنص على أن أسعار السيارات المركبة محليا لا يجب أن تتجاوز أسعار السيارات المستوردة. ولوحت الحكومة أمام أصحاب المصانع، بالتسهيلات التي منحتها لهم الدولة، منها تسهيلات ضريبية وأخرى تتعلق بالعقار الصناعي والرسوم، وهي بذلك تنتظر رد الجميل من المصنعين بخصوص الأسعار، وحذرتهم بأنها لن تقبل بأن تسوق السيارات المصنعة محليا بسعر يفوق سعر السيارة المستوردة.