-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عندما نريد.. نستطيع

عمار يزلي
  • 471
  • 0
عندما نريد.. نستطيع

الظروف التي مر بها شهر رمضان هذه السنة، كانت مختلفة بنسبة كبيرة عن السنوات الماضية، إيجابيا، من دون أن يعني ذلك بدون سلبيات. ما كان يتطلبه الأمر لا يعدو مسألة تنظيم ثلاثي الأبعاد: التنظيم المسبق مع التحكم والسيطرة في مجال التموين، قطع الطريق أمام الاحتكار والتربح غير الشرعي وأخيرا، الرقابة القبلية والبعدية ومحاربة الفساد. هذه القاعدة ثلاثية الأبعاد، سبق لرئيس الجمهورية أن عمل عليها لما شغل منصب وزير التجارة بالنيابة، وحقق نجاحا في تنظيم السوق نسبيا في رمضان رغم الوضع الذي كنا عليه وقتها.

المسألة هذه السنة تطلبت نحو أربعة أشهر من التحضير لهذا الشهر الذي يختلف عن باقي الأشهر، كما هو معلوم، من حيث الاستهلاك بشكل عام، مما يستدعي ضبط السوق والتحكم في مفاصل التجارة الداخلية والخارجية والتوزيع لضمان الوفرة أولا، كون الاستهلاك يتضاعف في رمضان، ومضاعفة الرقابة في احترام الجودة والأسعار وضبط موازين السوق على إيقاع القدرة الشرائية للمواطن.

هذا قد تحقق إلى حد كبير، من دون أن يعني أننا تمكّنا من تحقيق المراد على النحو الكامل، فالمسألة تتطلب “تربية” وسلوكا متراكما متواصلا، وثقافة دائمة. غير أن هذه التجربة تفي بأن للمشكل حل وليس الأمر مستعصيا كما كنا نعتقد.

لقد كنا نعتقد أن مسألة الغلاء في رمضان والندرة، مسألة مستعصية عن الحل في بلد لا ينتج أكثر مما يستهلك، وهذا كان ولا يزال صحيحا في الواقع، كون حل هذه المعادلة يتطلب إفراغ الخزينة من أجل الاستيراد لأجل الاستهلاك، وهذه هي المأساة التي حاربها الرئيس منذ أكثر من أربع سنوات. لم يكن الأمر هينا، بل كان يتطلب حربا بلا هوادة ضد الفساد ومافيا الاستيراد والفوترة والاحتكار والتهريب والتخريب والفساد بشكل عام، وهذا ما قام به ولا يزال. هذه السياسة قد أعطت أكلها بعد سنوات قليلة من المثابرة والعمل المستمر والاستثمار في أخلقة العمل التنظيمي والإداري والتجاري والرقمنة، وضبط موازين المداخيل والمخارج بعقلانية تعمل على قاعدة لا “ضرر ولا ضرار”: لا استيراد مطلق ولا نقص في السوق، ولا استيراد لما ينتج محليا إلا لدعم الفارق.

كما أن النجاح النسبي الملحوظ للماكينة الاقتصادية والزراعية خلال السنوات الأخيرة، أنتجت أدوات التحكم وضبط الأسعار والتحكم في الوفرة. سابقا، لم نكن نعرف كم ننتج وكم نستهلك وكم نستورد، فقط، كنا نعلم كم نحصل عليه من جباية نفطية، تماما كما يعرف الموظف مرتبه الشهري الثابت مع متغيرات “المردودية”، والذي يوزعه خلال شهر بشكل أو بآخر ليجد نفسه في غالب الأحيان مدانا. هذا كان حالنا: تصدير النفط والغاز إلى الخارج، للحصول على العائدات بالعملة الأجنبية، الدولار بالأساس، ومن ثمّ، الشروع في استيراد كل ما نحتاجه  بنفس المال حتى ما يمكن إنتاجه لا ننتجه، لنجد أنفسنا بعد سنوات نرهن مستقبلنا للصناديق والبنوك العالمية، ونهرع للقروض خاصة القصيرة، لنغرق في وحل الدين ومستنقع فوائد الدين.

هذه السنة، بدأنا نشعر أن لكل مشكل حل، وأن رمضان هو شهر مثل باقي الشهور، بإمكاننا التغلب على الاضطرابات السلوكية الاستهلاكية بالوفرة المنظمة العقلانية المبرمجة مسبقا والمتحكم فيها قطاعيا ومركزيا ومن خلال إحصاء مرقمن لكل الاحتياجات الحقيقية للسوق في كل مرحلة وخلال أيام السنة وشهورها وليس في رمضان فقط، ومحاربة الاحتكار، وهذا خلال الأشهر الـ12 كلها، وها هو عيد الأضحى مقبل، ويتطلب هو الآخر تحضيرا بنفس الآليات والأدوات والإرادة، والتجربة أثبت، كما يقول المثل، أنه “عندما نريد.. نستطيع”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!