-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عندما يهنّئنا الغربيون بصيامنا

سلطان بركاني
  • 1676
  • 0
عندما يهنّئنا الغربيون بصيامنا

تداول النّاشطون على مواقع التّواصل الاجتماعيّ في الأيام الماضية صورةً للافتة علّقت في بعض الشّوارع البريطانية، كُتِب عليها “1,57 بليون إنسان صائم اليوم”، وهي لافتة -إن صحّت الصّورة- وضعت كبادرة حسن نية يراد من ورائها كسب ودّ المسلمين، وكسب تعاطف البريطانيين مع الجالية المسلمة في هذا البلد.

شيء جميل أن يتحدّث الغربيون عنّا بأنّنا نصوم، ويهنئونا بصيامنا، ويشارك بعض زعمائهم وساستهم إخواننا المسلمين إفطارهم، ولا شكّ أنّ هذه الالتفاتات هي ممّا يحمد لعقلاء الغرب، ويكفي أنّها ربّما تمثّل خير هدية يمكن أن تهدى إلى الزعماء والساسة والمسؤولين في بعض بلاد المسلمين، ممّن تستهويهم هواية مطاردة اللافتات التي ينصبها بعض الشّباب المتحمّسين للتّذكير ببعض آداب الإسلام، وبالصّلاة على النبيّ الإمام عليه الصّلاة والسّلام!؛ لكنّ هذا كلّه لا ينبغي أن ينسينا الوجه الكامل للمشهد، كما أنّه ينبغي أن يستحثّنا لدعوة هذا الغرب الذي يُظهر المودّة للمسلمين في مثل هذه المناسبات إلى إعادة النّظر في مواقف زعمائه الذين استنفروا جموعهم وأجلبوا بحدّهم وحديدهم لحرب المسلمين في أوطانهم، وتدمير بلدانهم ونهب خيراتهم وسفك دمائهم وانتهاك أعراضهم.

هناك مسلمون يُمنعون الصيام في الصّين، ويضيّق عليهم في إقامة شعائر دينهم، وهناك آخرون في بورما يصومون أبد الدّهر ولا يجدون ما يُسيغونه سوى الغصص والحسرات التي تصدّعت لها قلوبهم وتشقّقت لها حناجرهم بسبب ما يتعرّضون له من انتهاكات وما يلقونه من إرهاب ممنهج على أيدي البوذيين وبرعاية رسمية من السلطات هناك، وهناك مسلمون في الفلوجة لا يفرّقون بين رمضان وغيره، لأنّهم قد دخلوا في صيام متواصل منذ أكثر من عامين، وهناك مسلمون في فلسطين لا يزالون يدفعون فاتورة الحصار الصّهيونيّ الظّالم، ومسلمون آخرون في سوريا يتسحّرون ويفطرون على صور الدّماء والأشلاء وعلى أصوات دوي الانفجارات التي تصدرها القنابل العمياء التي يلقيها الطيران الروسيّ وطيران النّظام، وهناك مسلمون آخرون في مالي والصّومال وأفريقيا الوسطى وغيرها من البلاد يكابدون الخوف والجوع… لا تكاد تخلو بقعة في هذا العالم من مسلمين يعانون الأمرّين، وينتظرون من المنصفين في الغرب أن يتحرّكوا للضّغط على زعمائهم وساستهم لوقف إرهابهم وإرهاب أوليائهم ضدّ المسلمين.

بين الغربيين عقلاء كثر، يقفون مواقف نبيلة وشجاعة في نصرة قضايا المسلمين، لكنّ أصواتهم لا تكاد تُسمع، في مقابل أصوات اليمين المتطرّف التي تَستثمر في الأحداث التي تعرفها بعض العواصم الأوروبية والغربية، لمهاجمة الإسلام والمطالبة بالمزيد من البطش والإرهاب ضدّ المسلمين، وبين هؤلاء وأولئك تبرز مواقف بعض زعماء الغرب الذين يحاولون إمساك العصا من الوسط، فهم من جهة يبرّئون ساحة الإسلام، ويهنّئون المسلمين بمناسباتهم الدينيّة، لكنّهم على أرض الواقع يحشدون الحشود لإرهاب وإذلال المسلمين في بلاد الإسلام! والمسلمون ينبغي أن يتنبّهوا لهذا، ويقولوا للمحسن “أحسنت” وللمسيء “أسأت”، وللمنافق: “نحن لا نريد لسانك إذا كان سيفك على رقابنا”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!