الرأي

عندما يُكرم وزيرُنا في تونس!

رشيد ولد بوسيافة
  • 1778
  • 14

التّكريم والاعتراف الذي حظي به الوزير الأسبق للتربية الوطنية علي بن محمد في تونس، من قبل جمعية تنشط على مستوى المغرب العربي، يجعلنا نطرح أسئلة كثيرة حول الطريقة التي نتعامل بها في الجزائر مع الكفاءات الوطنية، وأسباب هذا التجاهل الرّسمي وغير الرّسمي لشخص كانت له بصمته في المنظومة التربوية وحاول الإصلاح بالطريقة التي رآها مناسبة قبل أن يسقط في جوان 1992 بمؤامرةٍ دنيئة من اللوبي الموالي لفرنسا الذي رفض أن يكون للغة الفرنسية منافسٌ في الجزائر؟
لم يحدث أن وُجِّهت الدعوة إلى علي بن محمد للمشاركة في أي لقاء من لقاءات وزارة التربية التي تتناول موضوع الإصلاحات التربوية، مع أن الرجل قضى حياته كلها عاملا في حقل التعليم، وتدرَّج في المسؤوليات إلى أن أصبح وزيرا للتربية، وبعد مغادرة الوزارة استمرَّ في العمل والعطاء، وقدَّم مشروعا مع عدد كبير من الخبراء والناشطين في القطاع أطلق عليه مشروع “المدرسة الأصيلة والمتفتحة”، فقوبل مشروعُه بالرفض والتجاهل وتم تشتيت أعضاء التنسيقية واستمرت “الإصلاحات” المزعومة بعيدا عن الفاعلين الحقيقيين، إلى أن وصلنا إلى استيراد الخبراء من فرنسا وتكليفهم بالإشراف على “الإصلاحات” بطريقة سرية!
وأمام هذا التجاهل داخل الجزائر، سطع نجم الوزير الأسبق في الخارج، وحظي بالتكريم من قبل جمعية البحوث والدراسات من أجل اتحاد المغرب الكبير، وعلى مدار يومين كان بن محمد المتحدِّث الرئيسي في الملتقى المغاربي الذي تناول التعليم الخاص في المغرب العربي، وأظهر تحكما كبيرا وإحاطة واسعة بكل مشاكل التعليم في الجزائر والعالم العربي، كما قدّم للمشاركين رؤيته للإصلاح بالمقارنة مع التجارب الناجحة في العالم مثل فنلندا واليابان وكوريا الجنوبية والتي لا ترقى إليها التجربة الفرنسية التي نحاول استنساخها في الجزائر.
ما حدث مع علي بن محمد يحدث مع الكثير من الكفاءات الوطنية المهمَّشة في الجامعات والإدارات وبعضها لا يجد منصب عمل، بينما يقابَلون بالتقدير والإجلال في الخارج، وهو السبب الرئيس لهجرة الأدمغة الجزائرية التي تنتشر في أرقى المؤسسات عبر العالم من بنوكٍ وجامعات ومراكز بحث ومستشفيات… ويساهمون بشكل فعال في رقيِّ الدول التي تستضيفهم وتوفر لهم كل الإمكانات والإغراءات التي تجعل مجرد التفكير في العودة إلى الوطن شكلا من أشكال الانتحار البطيء.

مقالات ذات صلة