الرأي

…عن الحج والحجاج مرّة أخرى

الشروق أونلاين
  • 2456
  • 9

مع عودة الأفواج الأولى لحجاج بيت الله، يعود الحديث ـ ككل سنة ـ عن مسلسل معاناة ضيوف الرحمان، وتخلي كثير من أعضاء البعثة الوطنية للحج وأصحاب الوكالات عن التزاماتهم في توجيه وارشاد الحجاج، حتى أصبحت البعثة الجزائرية مضرب الأمثال عن سوء التسيير والإهمال…

وإذا كان تحديد مسؤولية الوكالات الخاصة التي عبثت بالحجاج وأساءت لسمعة الجزائر سهلا، ويتطلب تحركا مسؤولا لمعاقبتها، فإن التساؤل يبقى مطروحا عمن يحاسب بربارة وبعثته على التقصير وسوء الادارة..

بعثة بربارة لا تختلف كثيرا عن الوكالات المغضوب عليها، إلا أنها تفلت كل مرة من الحساب والعقاب، بتخطيط محكم من الشيخ بربارة، الذي تحول إلى ظاهرة صوتية يرسل التهديد والوعيد عبر خطب “عسكرية” إلى الوكالات والحجاج، بينما يقفز على أخطاء وخطايا ديوانه، وكأنه غير معني بالحساب والعقاب، فذلك ما يجب أن يوضع له حد، حتى لا تتحول مؤسسات الدولة إلى ملهاة أو مأساة…

إن الحج من شعائر الله العظيم يحتل مكانة خاصة في قلوب الجزائريين، تختلج فيها الأحاسيس والوجدان بالمشاعر المقدسة، وتفيض بالعبر والعبرات، ولا يمكن لسوء إدارة مسؤول أن تشوه هذا الركن الركين، ولا يمكن لصحافة الاستفزاز والاشمئزاز التي تعمى أن ترى الصور الرائعة للتضامن والإيثار بين الحجاج، وتضع المجهر على أحداث معزولة أو شاذة، فتحول البيت العتيق الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا، إلى ساحة يتقاتل فيها ضيوف الرحمان بالسكاكين و”يتراجمون” بالنعال والنصال، ويرمون بأنفسهم من الشرفات بحثا عن الانتحار، وكأن الأرض ضاقت عليهم بما رحبت، فلم يجدوا مكانا يمارسون فيه أسوأ الأعمال وأقبحها إلا قبالة الكعبة المشرفة.

إننا فعلا نعيش مرحلة تأسيس صحافة التيئيس و”التتعيس”.. صحافة لا تتورع أن “تخلّط” في أقدس مكان على وجه الأرض، وتتعامل مع “ضيوف الرحمان” وكأنها تتعامل مع مناصري فرق كرة قدم أو “الهوليڤانز”، حتى لكأن من برّ بوالديه فساهم في حجهما كأنه أرسلهما إلى الجحيم من فرط التركيز على أحداث شاذة أو لا أساس لها من الصحة..

إن دولا أقل إمكانات من الجزائر، استطاعت أن تعطي أروع الأمثلة في خدمة مواطنيها، وتوفير سبل الراحة والعبادة لحجاجها، فنالوا من خير الدعاء ما يحسدون عليه، بينما مازال ديوان بربارة والوكالات الخاصة “تدحر” كل سنة في نفس الأخطاء والخطايا، وتجمع من ضحاياها من الحجاج من “دعاوي الشر” ما تقشعر له الأبدان.. والله وحده المستعان.

مقالات ذات صلة