العالم
هرولة خليجية وعناق سوداني

عودة النظام السوري إلى “حضن العرب”.. النهاية الرسمية لحقبة “الربيع العربي”

الشروق أونلاين
  • 5974
  • 17
ح.م

في 29 سبتمبر الماضي، في مقرّ الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، مدّ وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة ذراعيه واقترب من نظيره السوري وليد المعلّم ليحتضنه ويتبادل معه القبلات، في مشهد أثار الكثير من التعليقات، كونه الأول من نوعه منذ انتفاضة السوريين ضد نظامهم.
حُضن آل خليفة الواسع اتّسع أكثر في الأيام الماضية مع زيارة الرئيس السوداني عمر حسن البشير إلى دمشق ثم إعلان الإمارات إعادة فتح سفارتها في العاصمة السورية، فإعلان البحرين “استمرار العمل” في سفارتها القائمة هناك، لتنضما إلى ركب دول عربية أخرى أعادت علاقاتها مع سوريا، أو لم تقطعها من الأساس.
بهذه المتغيّرات يمكن التأريخ لانتهاء حقبة “الربيع العربي” وما نتج عنها، بشكل رسمي، هي التي شهدت عدة نهايات في الفترة السابقة، بحسب ما يفهمه كل شخص من مصطلح “الربيع العربي”.
انتهى “الربيع العربي” بما حمله من توق إلى دول مدنية حديثة وديمقراطية منذ عام 2013، وفي نفس العام انتهى ما يمكن تسميته بـ”ربيع الإخوان”، أي حلمهم بحكم العالم العربي، وانتهى “الربيع العربي” بما حمله من توق إلى عدالة اجتماعية منذ سنوات أيضا، وانتهت أحلام الإسلام المتطرف بالاستفادة من المناخات التي ولّدها مع هزيمة داعش.
والآن تنتهي آخر نتاجاته وهي الخلافات العربية-العربية بسبب قمع بعض الأنظمة لشعوبها، دون تجاهل أن الوجه الآخر لذلك هو محاولة بعض الدول مدّ نفوذها الإقليمي في الفضاء العربي مستغلّة غضب شعوب على حكّامها.

“حضن العرب”

المؤشرات على فك عزلة النظام السوري تتضافر منذ فترة: من لقاء الرئيس السوري بشار الأسد مع صحيفة “الشاهد” الكويتية في أكتوبر الماضي، إلى دعوة البرلمان العربي إلى إنهاء تعليق الأنشطة السورية في الجامعة العربية في 14 ديسمبر، ثم زيارة البشير بعد ذلك بيومين، وصولا إلى الخطوتين الإماراتية والبحرينية.
قبل ذلك، حضر الاعتراف الدولي بالنظام السوري عبر بوابة فتح المعابر الحدودية بين سوريا وبين كل من العراق والأردن، وموافقة إسرائيل على انتشار القوات السورية في منطقة الجولان.
والآن، تأتي هذه المتغيّرات في ظل تقارير عن مساعٍ لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية التي علّقت مشاركة وفود نظامها في اجتماعاتها في نوفمبر 2011، ردا على قمع الاحتجاجات الشعبية، وهي مسألة صارت قريبة جدا لأن الدول الخليجية هي التي أخرجت سوريا من المنظمة العربية، وها هي الآن تعيد علاقاتها بها. ومن نافلة القول إن الإمارات والبحرين لم تخطوا خطوتيهما من دون رضا السعودية، بل من دون دفع سعودي.

العين على إيران

كل تصريحات العائدين عن مقاطعة النظام السوري تذهب في نفس الاتجاه: يجب لعب دور عربي للحد من نفوذ إيران وتركيا، عدوتي دول الخليج (ما عدا قطر)، في سوريا.
فوزارة الخارجية الإماراتية وضعت خطوتها في سياق “درء مخاطر التدخلات الإقليمية في الشأن العربي السوري”، ونظيرتها البحرينية تحدثت عن “تعزيز الدور العربي وتفعيله من أجل… منع مخاطر التدخلات الإقليمية في شؤون سوريا الداخلية”.
ويعتقد السفير الأمريكي السابق في سوريا والذي يعمل حاليا باحثا في معهد الشرق الأوسط ومحاضراً في جامعة ييل، روبرت فورد، أن الدول الخليجية “تأمل أن يكون بإمكانها تحجيم النفوذ الإيراني مع مرور الوقت من خلال استئناف التواصل المالي والدبلوماسي مع دمشق”.

حدود الدور العربي

لكن الغاية “الأسمى” من هذا التقارب، وهي الحد من نفوذ إيران، فدونها عقبات كثيرة. ستعود الدول الخليجية إلى لعب دور فاعل في المشهد السوري عندما تبدأ عملية إعادة الإعمار بأموال خليجية. حينذاك ستستطيع الدفع نحو قضم مناطق نفوذ الإيرانيين ومراكزه في سوريا تدريجيا مقابل ضح المال اللازم، ولكن العملية ستشهد شدا وجذبا لا يمكن معرفة إلى ماذا ينتهيان منذ الآن.
وستمنح حالة الشد والجذب هذه منطقة مريحة للنظام السوري ليعيد إحياء سياسته في اللعب على حبال مختلفة، وهو ما قد يُعيد إليه بعض المكانة عربيا بسبب براعته في مثل هذه الألعاب التي تُبقي كل الأطراف في علاقة صداقة وخصومة معه في الآن نفسه.

مقالات ذات صلة