عيبه في جيبه!
“عيبو في جيبو” عبارة لم يخب صيتها في مجتمعنا، ومازالت تتردد على مسامعنا في حكم نهائي قاطع لا مجال فيه للتأويل أو الإلحاق، وتؤكّد جزما أن العيب الوحيد في الرجل هو باءته في إشارة ضمنية أن نقيض العبارة حتما يبقى لازمة لزباء بالجنس الآخر وهو المرأة!
عندما أطلق أسلافنا هذا المثل وشاع بين الناس لم يكن رشّة من ندى الغفران، تشفع للذكر خطيئاته وتمحو وصماته، وتخرجه إلى المجتمع وليا صالحا حتى لو ارتكب كل الموبقات والفواحش؛ إنما كانوا يقصدون به الجانب الجمالي بحكم أن الرجل لا يعاب في خلقته وشكله، بل يعاب في كسله وعزوفه عن العمل وبالتالي عدم تأمينه لمستقبله، عكس المرأة التي يعتبر جمالها من أهم ما تنكح لأجله، أما الأخلاق فكانت أمرا بديهيا لا يحتاج إلى تذكير.
لكن البعض في عصرنا الحالي وبتمويه مكشوف، أصبحوا يستعملونه بصيغة مطلقة كصكّ غفران يشهرونه لتبرير سقطات الرجل، وتلميع صورته، وقد زاد المشكل تعقيدا عندما وجدت هذه القاعدة الباطلة قبولا وموافقة لدى عدد معتبر من الناس.
ففي الوقت الذي تستميت فيه بعض الفتيات دفاعا عن حقهن في اختيار الزوج المناسب، وكثيرات منهن فضلن الوحدة على المغامرة والارتباط بشباب غير أكفاء أخلاقيا، هناك من هنّ مستعدات للارتباط بأي ذكر أيّا كانت صفته، والأهم لديهن هو إرضاء المجتمع والتخلص من شبح العنوسة. وربما هروبا من جحيم الأهل…
وهو ما جعل بعض الشباب يقدمون على الفساد بزهو ومجاهرة، ولا يخافون على مستقبلهم ففي النهاية حظوظهم في الحصول على بنت الحلال كبيرة !
لماذا يتباكى الجميع عن الأخلاق إذا؟
للمجتمع يده الطولي في تكريس هذه الظاهرة، بالتفنن في تهويل موضوع العنوسة، والترهيب والتخويف بهذا البعبع، وكأن العنوسة أسوء من زواج يكمل على ما تبقى من الدين!
إنّ نتائج تقديس الزواج لذاته دون النظر في غاياته ومقاصده، تتمثل في عدد قضايا الطلاق المتزايدة، وفي ذلك التردي الجلي في أخلاق النشء، وفي كثرة العلاقات اللاشرعية وما ينجر عنها من ضحايا، وفي العقد النفسية لدى الشباب من الجنسين.
وفكرة الرجل لا يعاب واحدة من الأفكار الهدّامة، والمنافية للشريعة بل ولأعراف الإنسانية جمعاء. وديننا الحنيف وضع الدين والخلق مقدّما على كل الاعتبارات الأخرى لدى الرجل والمرأة سيّان.